وأظهر من ذلك كلّه ، في إفادة الترجيح بمطلق الظنّ ، ما دلّ من الأخبار العلاجيّة على الترجيح بمخالفة العامّة ، بناء على أنّ الوجه في الترجيح بها أحد وجهين :
أحدهما : كون المخالف أبعد من التقيّة ، كما علّل به الشيخ والمحقق ؛
______________________________________________________
(وأظهر من ذلك كلّه) أي : من تلك الوجوه الثلاثة التي ذكرناها ، ومن الوجه الرابع الذي ذكرناه قبل نصف صفحة تقريبا بقولنا : وممّا يستفاد منه المطلب (في إفادة الترجيح بمطلق الظنّ) ما يلي :
ومن الواضح : إنّ هذا غير ما ذكره قبل أسطر بقوله : «ولعلّه لذا علّل تقديم الخبر المخالف للعامّة ...» ، فإنّ قوله : «لعلّه» ، تأييد لكون الأخذ بالمشهور من جهة ان المشهور أقرب إلى الصواب ، وان قوله : «لذا علّل» ، تأييد مستقل لأصل المطلب الذي بيّنه بقوله قبل صفحتين تقريبا : «فالذي يمكن أن يستدلّ به لترجيح مطلق الظنّ الخارجي وجوه».
وعليه : فان الأظهر دلالة من كل ذلك : (ما دلّ من الأخبار العلاجيّة على الترجيح بمخالفة العامّة) فإذا كان هناك خبران أحدهما موافق للعامّة ، والآخر مخالف ، وتعارضا يؤخذ بالمخالف (بناء على انّ وجه الترجيح بها) أي : بمخالفة العامّة (أحد وجهين) على ما يلي :
(أحدهما : كون المخالف أبعد من التقية ، كما علّل به الشيخ والمحقّق) ولا يخفى : ان المراد «بالأبعد» هنا : ليس التفضيل ، بل : البعد ، فإنّ صيغة التفضيل كثيرا ما تستعمل في أصل المعنى ، فالأحوط ـ مثلا ـ معناه : إنّه احتياط ، و «الأولى» معناه : إنّه قريب ، وليس الآخر قريبا ، وهكذا.