وإنّما حصل الظنّ بحجّية أمور لا تفيد الظنّ ، فانّ العمل بها يظنّ معه سقوط الأحكام الواقعيّة عنّا ، لما تقدّم من أنّه لا فرق في سقوط الواقع بين الاتيان بالواقع علما أو ظنّا وبين الاتيان ببدله كذلك ، فالظنّ بالاتيان بالبدل كالظنّ بإتيان الواقع ، وهذا واضح.
وأمّا الجواب عن الثاني : فبمنع الشهرة والاجماع ،
______________________________________________________
بالحكم (وإنّما حصل الظّنّ بحجّية أمور لا تفيد الظّن) كما اذا ظنّنا بحجّية خبر الواحد ـ مثلا ـ وقام الخبر الواحد على حرمة العصير ، لكنّا لم نظنّ بالحرمة ، لوضوح : انّ الظّن بالمسألة الاصولية لا يستلزم الظّن بالمسألة الفرعية.
بل القطع بالمسألة الاصولية لا يستلزم الظّن بالمسألة الفرعية ، فاذا قطعنا ـ مثلا ـ بأنّ الشاهدين حجّة في نفسهما ، وقام الشاهدان على انّ زيدا سارق ، فإنّا قد نقطع بأنّه سارق ، وقد نقطع انّه ليس بسارق ، وقد نشك في سرقته وعدم سرقته وقد نظنّ بأحد الطرفين ونتوهم الطرف الآخر ، فالقطع بالمسألة الاصولية لا يستلزم حتى الوهم بالنسبة الى الفرعية (فانّ العمل بها) أي : بتلك الامور كالعمل بالخبر الواحد ـ مثلا ـ (يظنّ معه سقوط الأحكام الواقعية عنّا).
وإنّما يظنّ (لما تقدّم : من أنّه لا فرق في سقوط الواقع بين الاتيان بالواقع علما أو ظنّا ، وبين الاتيان ببدله كذلك) أي : علما أو ظنّا (فالظّن بالاتيان بالبدل كالظّن بإتيان الواقع ، وهذا واضح) لا غبار عليه ، فقول شريف العلماء : «بأنّ الظّن في المسألة الاصوليّة ليس حجّة ، لأنّه لا يوصل الى الظّن بالفرعيّة الواقعيّة» ، غير تام ، لأنّا لا نريد الفرعية الواقعية ، بل يكفينا الفرعية الظاهرية التي هي بدل عن الواقع.
(وأمّا الجواب عن الثاني) الّذي قال : بأنّ الشهرة المحقّقة والاجماع المنقول ، يدلان على عدم حجّية الظّن في مسائل اصول الفقه (فبمنع الشهرة والاجماع)