وأمّا ما احتمل كونه خمرا من دون علم إجماليّ ، فلم يعلم من النهي تحريمه وليس مقدّمة للعلم باجتناب فرد محرّم يحسن العقاب عليه ، فلا فرق بعد فرض عدم العلم بحرمته ولا بتحريم خمر يتوقف العلم
______________________________________________________
(و) عليه : فانّ النهي عن الخمر يوجب تنجّز حرمة الخمر المعلوم بأحد الوجهين (أما ما احتمل كونه خمرا من دون علم اجمالي) منجّز في البين وقد عرفت موازين التنجيز (فلم يعلم من النهي تحريمه) حتى على تقدير كونه خمرا في الواقع ، وذلك لعدم حصول البيان المنجّز على المكلّف (وليس مقدمة للعلم باجتناب فرد محرّم يحسن العقاب عليه) أي : انّه لم يعلم بالتفصيل ولا بالاجمال.
وأما مثال لحم الابل والسم ، فليس ممّا نحن فيه ، لأن الكلام في العقاب الاخروي لا في الاضرار الدنيوية المحتملة وإلّا فيلزم الاجتناب حتى في الشبهة البدوية ، وهذا ما لا يقول به أحد.
هذا ، بالاضافة الى ان العقلاء لا يجتنبون عن مثل ذلك ، والّا لزم اجتنابهم عن ركوب البرّ ، والبحر ، والجوّ ، لاحتمال الخطر فيها ، بل الخطر في مثل ركوب الجوّ كثير جدا ، لاحتمال سقوط الطائرة ، ومع ذلك نرى الطائرات وهي مستمرة في حمل المسافرين الى مختلف بلاد العالم ، ولزم اجتنابهم عن كثير من المأكولات لاحتمال الأضرار الجسدية فيها ، واجتنابهم التجارة لاحتمال الأضرار المالية فيها ، والى غير ذلك.
وحيث قد عرفت : انّه لا دليل على الاجتناب اذا لم يكن هناك علم بالموضوع ، أو علم بالحكم تفصيلا أو إجمالا ، أو ما يقوم مقام العلم ، من الخبر الصحيح ، أو البينة ، أو ما أشبه (فلا فرق بعد فرض عدم العلم) تفصيلا (بحرمته) أي : بحرمة محتمل الخمريّة (ولا) أي : عدم العلم اجمالا (بتحريم خمر يتوقف العلم