عليه نفع اخرويّ ، فلا يستقلّ العقل بوجوب دفعه ، ولذا لا ينكر العقل أمر الشارع بتسليم النفس للحدود والقصاص وتعريضها له في الجهاد والاكراه على القتل او على الارتداد.
وحينئذ : فالضرر الدنيويّ المقطوع يجوز أن يبيحه الشارع لمصلحة ،
______________________________________________________
عليه) أي : على ذلك العنوان (نفع) دنيوي كالتجارة المربحة ، أو (اخروي) بالفوز بالجنة كفارة الذنوب وارتفاع الدرجة (فلا يستقل العقل بوجوب دفعه) أي : دفع هذا الضرر الدنيوي أو الاخروي ، وذلك للتساوي بين الضرر والربح ، أو زيادة الربح على الضرر (ولذا لا ينكر العقل أمر الشارع بتسليم النفس للحدود والقصاص وتعريضها) أي : تعريض النفس (له) أي : للضرر (في الجهاد ، والاكراه على القتل أو على الارتداد) فانّه اذا أكره الانسان على قتل الغير لا يجوز له قتله ، بل عليه أن يتحمّل الضرر وان كان الضرر هو القتل ، وذلك لأنّه لا تقيّة في الدّماء كما هو المشهور بين الفقهاء ، وكذا لو أكره على الارتداد ، يجوز له ترك الارتداد وتحمّل الضرر وان كان قتلا ، ويجوز له ايضا فعل الارتداد تقية حيث قال سبحانه : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) (١).
(وحينئذ) أي : حين قلنا : بأن ايجاب العقل دفع الضرر انّما هو فيما اذا لم يكن معارض بنفع مساو أو بنفع أهمّ (فالضرر الدنيوي المقطوع ، يجوز أن يبيحه الشارع لمصلحة) كما تقدّم من الأمثلة المذكورة بل وكذلك العقل قبل الشرع يبيح أيضا مثل هذا الضّرر المقطوع اذا كان ذلك الضّرر مصادفا لمصلحة أهمّ أو لمصلحة مساوية للضرر.
__________________
(١) ـ سورة النحل : الآية ١٠٦.