فانّ سيرة المسلمين من أوّل الشريعة بل في كلّ شريعة على عدم الالتزام والالزام بترك ما يحتمل ورود النهي عنه من الشارع بعد الفحص وعدم الوجدان ، وأنّ طريقة الشارع كان تبليغ المحرّمات دون المباحات وليس ذلك إلّا لعدم احتياج الرخصة في الفعل إلى البيان ، وكفاية عدم وجدان النهي فيها.
______________________________________________________
المقيّدين بالعمل بأقوال المتبوعين ، يدلّ على ان المتبوع راض بذلك ، وإلّا بأن لم يكن راضيا ، لما عمل الأتباع به.
(فانّ سيرة المسلمين من أوّل الشريعة) اي : من زمن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، الى يومنا هذا (بل في كلّ شريعة) وقانون من القوانين الوضعية المتعارفة في العالم غير المتدين جار (على عدم الالتزام) بأنفسهم (والالزام) لغيرهم (بترك ما يحتمل ورود النهي عنه من الشارع بعد الفحص وعدم الوجدان) فانّ احتمالهم ورود النهي لا يكفي لديهم للعمل بالاحتياط ، بل إنّهم مع احتمالهم ورود النهي إذا فحصوا ولم يجدوا عملوا بالبراءة.
(و) ممّا يؤيد ذلك (ان طريقة الشارع كان تبليغ المحرّمات دون المباحات) كقوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ ، وَالدَّمُ ، وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ ، وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ ، وَالْمُنْخَنِقَةُ ، وَالْمَوْقُوذَةُ ، وَالْمُتَرَدِّيَةُ ، وَالنَّطِيحَةُ ، وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ ، وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ ، وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ، ذلِكُمْ فِسْقٌ ...) (١).
(وليس ذلك إلّا لعدم احتياج الرخصة) من الشارع والإباحة (في الفعل إلى البيان ، وكفاية عدم وجدان النّهي فيها) من الشارع ، وعلى ذلك جرت سيرة المسلمين.
__________________
(١) ـ سورة المائدة : الآية ٣.