قال المحقّق رحمهالله ، على ما حكي عنه : «إنّ اهل الشرائع كافّة لا يخطّئون من بادر إلى تناول شيء من المشتبهات ، سواء علم الاذن فيها من الشرع أم لم يعلم ، ولا يوجبون عليه عند تناول شيء من المأكول والمشروب أن يعلم التنصيص على إباحته ، ويعذرونه في كثير من المحرّمات إذا تناولها من غير علم ،
______________________________________________________
وهذا الكلام لسنا أوّل من قاله ، وانّما سبقنا إليه غيرنا ، فقد (قال المحقّق رحمهالله ، على ما حكي عنه : انّ أهل الشرائع كافة لا يخطّئون من بادر الى تناول شيء من المشتبهات) والمبادرة يراد بها : الارتكاب ، المسابقة (سواء علم الاذن فيها من الشرع ، أم لم يعلم).
فانّ المتشرعة لا يفرّقون بين ما هو معلوم الاباحة من الشرع ، وبين ما هو مشكوك الاباحة منه ، فيتناولون الشيء المشكوك الاباحة كما يتناولون الشيء المعلوم سواء كان في الأكل ، أو الشرب ، أو اللباس ، أو المسكن ، أو المركب ، أو الزوجة ، أو غير ذلك.
(ولا يوجبون عليه) أي : على المتناول (عند تناول شيء من المأكول ، والمشروب) والملبوس ، والمنكوح ، والمسكون ، وغيرها (ان يعلم التنصيص على اباحته) فلا يقولون : انّه يجب عليك العلم بالاباحة ، بل يقولون : انه يكفيك احتمال الاباحة إن لم يكن نصّ على التحريم.
كما (ويعذرونه في كثير من المحرّمات إذا تناولها من غير علم) بأنّ كان قاصرا فتناول محرّما من المحرمات ، فلا يقولون له : انّ القاعدة اجتناب الشيء حتى تثبت الاباحة ، بل يقولون له : ان القاعدة التناول إلّا أن يثبت التحريم.