وللقول الثاني : استصحاب وجوب الباقي إذا كان المكلّف مسبوقا بالقدرة ، بناء على أنّ المستصحب هو مطلق الوجوب ، بمعنى لزوم الفعل ، من غير التفات إلى كونه لنفسه أو لغيره ،
______________________________________________________
وان كان بعضهم عالما وبعضهم جاهلا ، وبعضهم غنيا وبعضهم فقيرا ، وبعضهم كاملا وبعضهم ناقصا ، إلى غير ذلك من الخصوصيات في الافراد.
هذا تمام الكلام في الاستدلال للقول الأوّل وهو : سقوط التكليف رأسا عند تعذر شرط أو جزء من الواجب المركّب.
(و) استدل (للقول الثاني :) وهو : اختصاص اعتبار الاجزاء والشرائط بحال التمكن ، فلو تعذر لم يسقط التكليف رأسا ، بل يبقى الباقي على وجوبه ، فانه يدل عليه (استصحاب وجوب الباقي) من الاجزاء والشرائط بعد فقد بعض الاجزاء والشرائط.
وإنّما يدل عليه الاستصحاب فيما (إذا كان المكلّف مسبوقا بالقدرة) لا ما إذا بلغ وهو غير قادر إلّا على بعض الاجزاء والشرائط ، أو أفاق من جنونه وحين افاقته لم يقدر إلّا على البعض ، إذ في هذه الصورة لا يجري الاستصحاب ، وإنّما يجري الاستصحاب في صورة مسبوقية المكلّف بالقدرة.
إن قلت : الوجوب كان في السابق نفسيا ، والآن الوجوب غيري ، والوجوب النفسي غير الوجوب الغيري ، فما كان متيقنا زال يقينا ، وما هو باق لم يكن سابقا.
قلت : إنّا نستصحب كلي الوجوب ، لان الوجوب النفسي والوجوب الغيري لهما جامع هو : كلي اللزوم ، فاذا شككنا في زوال هذا الكلي حتى لا يجب الباقي ، أو عدم زواله حتى يجب الباقي ، استصحبنا بقائه ، لتمامية أركان الاستصحاب ، فيجب الباقي ، وذلك كما قال : (بناء على أنّ المستصحب هو مطلق الوجوب بمعنى : لزوم الفعل من غير التفات إلى كونه لنفسه أو لغيره) أي : نستصحب