وانتفاؤه بالنسبة إلى الغافل لا يدل على نفي جزئيّته في حقّه ، لأنّ الجزئية غير مسبّبة عنه ، بل هو مسبب عنها.
ومن ذلك
______________________________________________________
(وانتفاؤه) أي : انتفاء الأمر الغيري (بالنسبة إلى الغافل لا يدل على نفي جزئيّته في حقّه) بل يبقى جزءا حتى بالنسبة اليه ، وذلك لما قد عرفت : من ان الغفلة لا توجب انتفاء الجزئية (لأنّ الجزئية غير مسبّبة عنه) أي : عن الأمر (بل هو) أي : الأمر (مسبب عنها) أي : عن الجزئية ، فان الجزئية ليست بتابعة للأمر حتى تنتفي بانتفاء الأمر ، بل الأمر تابع للجزئية على ما ذكرناه.
والحاصل : ان التكليف بالقراءة ان كان نفسيا فلا ربط للقراءة بالصلاة ، لان الكلام في الجزء لا في أمر خارج عن الصلاة ، وان كان التكليف بالقراءة غيريّا ، فالقراءة جزء غفل عنها أم لم يغفل ، فكيف يقال : بأنها ليست جزءا إذا غفل المكلّف عنها؟.
نعم ، غاية الأمر : انه لا أمر بالقراءة حال الغفلة ، لكن عدم الأمر من جهة الغفلة لا يوجب عدم الجزئية ، إذ الأمر تابع للجزء لا ان الجزء تابع للأمر ، وذلك لما قد سبق : من ان المولى يتصور الاجزاء ، ثم يعتبرها اجزاء ، ثم يأمر بها ، فالأمر تابع وليس بمتبوع.
(ومن ذلك) الذي ذكرناه : من ان ارتفاع الأمر لا يوجب ارتفاع الجزء ، ظهر الفرق بين الجزء الذي فهم من الأمر وبين الشرط الذي فهم كذلك ، فان الشرط يرتفع بارتفاع الأمر ، بينما لا ترتفع الجزئية فيما لو فهم الجزء من التكليف بارتفاع أمره ، كما في فهم جزئية القراءة من قوله سبحانه : (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ) (١).
__________________
(١) ـ سورة المزّمّل : الآية ٢٠.