فقال الله تعالى : (أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها)؟ أي : دين الله وكتابه واضحا متسعا ، فتنظروا فيه ، فترشدوا وتهتدوا به سبيل الحق.
الرابع : انّ العقل لا يعذر الجاهل القادر على الاستعلام في المقام ، الذي نظيره في العرفيّات ما إذا ورد من يدّعي الرسالة من المولى ، وأتى بطومار يدّعي أنّ الناظر فيه يطلع على صدق دعواه أو كذبها ،
______________________________________________________
(فقال الله تعالى : (أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها) (١)؟ أي : دين الله وكتابه واضحا متسعا) لمن أراد النظر فيهما حتى يعرف الحق من الباطل (فتنظروا فيه فترشدوا وتهتدوا به سبيل الحق») (٢).
إذن : فالحديث هذا وان كان لمكان دلالته أقرب إلى اصول الدين ، إلّا انه لمكان علّته شامل للجاهل بالفروع عن تقصير أيضا فيكون دليلا على ما نحن فيه.
(الرابع : انّ العقل لا يعذر الجاهل القادر على الاستعلام في المقام الذي) نحن فيه من الشبهة الحكمية مع استطاعته من تحصيل العلم بالحكم عن طريق الفحص ، فانه إذا لم يفحص لم يحرز اللابيان ، الذي هو موضوع البراءة ، وإذا لم يتحقق الموضوع لم يثبت الحكم فلا يستقل العقل بقبح عقابه ان أجرى البراءة وخالف الواقع.
هذا ، و (نظيره في العرفيّات ما إذا ورد من يدّعي الرسالة من المولى وأتى) وجاء معه (بطومار) أي : صحيفة وكتاب (يدّعي أنّ الناظر فيه يطلع على صدق دعواه أو كذبها) إلى الطومار ويفحص عن صدقه وكذبه ، فانه إذا كان ذلك المدعي صادقا وكان في طوماره ما يدل على صدقه كان للمولى معاقبة هذا العبد ،
__________________
(١) ـ سورة النساء : الآية ٩٧.
(٢) ـ تفسير القمي : ج ١ ص ١٤٩ (بالمعنى).