فتأمل.
______________________________________________________
إنه إذا دخل قبل الظهر حجرة مصنوعة من الخشب واغلق على نفسه بابها وألقى المفتاح خارج الحجرة ولم يكن هناك من يفتح له الباب ، فانه يعاقب على ترك الصلاة قطعا ، مع إنه غير قادر على الطهور ماء وترابا ، وقد قال جملة من الفقهاء : بأن فاقد الطهورين لا يصلي.
وكذا لو لم يأكل طعام السحور قبل الفجر في شهر رمضان مثلا وكان لضعف مزاجه لا يتمكن من الصيام بدون أكل طعام السحور ، فانه يعاقب على إفطاره هذا.
وكذا لو ذهب إلى مكان لا يوجد فيه خمر ، لكن يعلم إجمالا بأنه بعد ساعة يأتي ظالم بخمر فيجبره على شربها ، فانه يلزم على قولكم : من ان الواجب المشروط لا يكون منجزا حين الالتفات إليه إجمالا قبل تحقق شرطه ، ان لا يكون معاقبا ، لأنه قبل مجيء الخمر لم يكن مكلفا وبعد مجيئها لم يكن مختارا ، مع وضوح انه معاقب عليه ، لأن الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار.
وكأنه إلى هذا أشار صاحب الكفاية في حاشيته حيث قال : ويمكن ان يقال : ان التكاليف الموقتة والمشروطة في الشريعة يكون التكليف فيها فعليا منجزا بحيث يجب على المكلّف تحصيل غير ما علق عليه من مقدماته مما كان باختياره ، وذلك بأن يكون الوقت والشرط من قيود المادة والمأمور به ، لا من قيود الهيئة والأمر.
(فتأمل) ولعله إشارة إلى عدم توقف العقاب على توجه الخطاب ، بل مجرد المبغوضية كافية ، ومن المعلوم : ان كلا من ترك الصلاة في الوقت ، والافطار في نهار شهر رمضان ، وشرب الخمر في المثال المتقدم مبغوض للمولى ، لأن فيه تفويت مصالح وجلب مفاسد ، فالعقاب لأجل جلب المفسدة ودفع المصلحة ، لا لأجل توجه الأمر.