وأمّا إذا لم يكن التكليف ثابتا في الواقع ، فلا مقتضي للعقاب من حيث الخطابات الواقعية ، ولو فرض هنا طريق ظاهري مثبت للتكليف لم يعثر عليه المكلّف ، لم يعاقب عليه ، لأن مؤدّى الطريق الظاهري غير مجعول من حيث هو هو في مقابل الواقع ، وإنّما هو مجعول بعنوان كونه طريقا إليه ، فاذا أخطأ
______________________________________________________
(وأمّا إذا لم يكن التكليف ثابتا في الواقع) بأن لم يكن العصير العنبي ـ مثلا ـ حراما واقعا ، بل كان حلالا فرضا (فلا مقتضي للعقاب) لمن شربه (من حيث الخطابات الواقعية) لأن المفروض عدم حرمته واقعا ، وإذا لم يكن حراما واقعا فانه حتى (ولو فرض هنا طريق ظاهري مثبت للتكليف لم يعثر عليه المكلّف) بأن كان فتوى المجتهد حرمته ، لكن الجاهل لم يفحص عن فتوى مرجعه وشرب العصير ، فانه (لم يعاقب عليه).
وإنّما لم يعاقب عليه (لأن مؤدّى الطريق الظاهري غير مجعول من حيث هو هو في مقابل الواقع) إذ قد تقدّم في باب القطع : ان الطرق الظاهرية ليست مجعولة في مقابل الواقع ، ولا هي من باب السببية ، بل هي من باب الطريقية ، ولذلك فان طابقت الواقع كان الواقع لازما على الانسان ، وان لم تطابق الواقع لم يكن الطريق لازما عليه حتى يعاقب على مخالفة هذا الطريق الذي لم يعثر عليه ، لأن جعل مؤدى الطريق حكما واقعيا للجاهل بحيث يعاقب على مخالفته وان لم يطابق الواقع ، من التصويب الباطل ، وهو خلاف ما ذهب اليه العدلية القائلين بأن الأحكام تابعة للمصالح والمفاسد الواقعية.
(و) عليه : فان الطريق الشرعي (إنّما هو مجعول بعنوان كونه طريقا إليه) أي : إلى الواقع (فاذا أخطأ) الطريق بأن كان في الواقع حلالا ، لكن الطريق دل على