نعم ، نفس الكرّية حادثة ، فاذا شكّ في تحققها حين الملاقاة ، حكم بأصالة عدمها ، وهذا معنى عدم تقدّم الكرّية على الملاقاة ، لكن هنا أصالة عدم حدوث الملاقاة حين حدوث الكرّية ، وهو معنى عدم تقدّم الملاقاة على الكرّية ، فيتعارضان ، لا وجه لما ذكره من الأصل.
______________________________________________________
لم يكن بنفسه مجرى للأصل ، وإنّما يلزم إجراء الأصل في منشأ انتزاعه.
وعليه : فاذا شككنا ـ مثلا ـ في فردية التفاحات الموجودة في المخزن أو زوجيتها ، لا يصح لنا أن نجري أصل عدم الزوجية أو أصل عدم الفردية ، بل يلزم أن نجري الأصل في نفس التفاح الذي هو منشأ انتزاع الزوجية والفردية.
إذن : فالأمر الانتزاعي لا يجري فيه الأصل لأنه محكوم بالأصل الجاري في منشأ الانتزاع ، وما دام يجري الأصل في الحاكم لا مجرى للأصل في المحكوم.
(نعم ، نفس الكرّية حادثة فاذا شكّ في تحققها حين الملاقاة ، حكم بأصالة عدمها) لأن الأصل عدم كل حادث إلّا ان يعلم حدوثه (وهذا معنى) أصالة (عدم تقدّم الكرّية على الملاقاة) فان هذا الأصل يكون جاريا لو لا المعارض.
(لكن هنا) يعارضه (أصالة عدم حدوث الملاقاة حين حدوث الكرّية ، وهو معنى عدم تقدّم الملاقاة على الكرّية ، فيتعارضان) والتعارض يوجب التساقط على ما عرفت.
وعليه : فالفاضل التوني رحمهالله منع من إجراء أصل عدم تقدّم الكرّية لاستلزامه إثبات حكم آخر ، فأجابه الشيخ : بأنه (لا وجه لما ذكره من الأصل) إذ لا مانع لجريانه من هذه الجهة ، وإنّما المانع هو تعارضه وتساقطه علما بأن جواب الشيخ هذا جاء بعد إشارته إلى نكتة خارجة عن المبحث وهي : ان التقدم أمر انتزاعي لا يجري فيه الأصل ، بل يجري الأصل في منشأ انتزاعه ، وهكذا بالنسبة إلى التأخر والتقارن.