إنّما يحصل بفعل الثاني ، وكأنّ من فسره بالجزاء على الضرر أخذه من هذا المعنى ، لا على أنّه معنى مستقلّ.
______________________________________________________
(إنّما يحصل بفعل الثاني) أي : بردّ المتضرر الضرر على الضار فيحصل التعارض بين الصدر القائل بوجوب ردّ الضرر ، والذيل القائل بحرمة ردّ الضرر بضرر مثله.
(وكأنّ من فسره) أي : فسر «الضرار» في الرواية بالمعنى الأوّل أي : (بالجزاء على الضرر أخذه) أي : أخذ هذا التفسير (من هذا المعنى) أي : من معنى المضارة التي هي بين اثنين ، فهذا المعنى هو نفس المعنى الأوّل (لا على انّه معنى مستقلّ).
هذا ، لكنك قد عرفت المعنى الذي ذكرناه ، وان الضرار غير الضرر ، فان الظاهر من : «لا ضرر ولا ضرار» انه لا يحق لانسان ان يضر غيره ، كما لا يضر الله سبحانه وتعالى الانسان بتشريع حكم ضرري عليه.
وكذا لا يحق لنفرين ان يضر أحدهما الآخر ، لأن المفاعلة بين الاثنين ، وهذا ليس بمعنى عدم الجزاء على الضرر حتى يقال : انه ينافي قوله سبحانه : (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) (١) وينافي قوله سبحانه : (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ) (٢) بل معناه : عدم تشاغل نفرين في اضرار الآخر كشخصين إذا التقيا بسيفيهما حيث قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «القاتل والمقتول في النار» (٣) ، وهذا غير ما إذا ضرب أحد شخصا بسيف حيث ان للمضروب حق القصاص وليس في النار.
__________________
(١) ـ سورة الشورى : الآية ٤٠.
(٢) ـ سورة البقرة : الآية ١٩٤.
(٣) ـ تهذيب الاحكام : ج ٦ ص ١٧٤ ب ٢٢ ح ٢٥ (بالمعنى) ، وسائل الشيعة : ج ١٥ ص ١٤٨ ب ٦٧ ح ٥١٨٤ (بالمعنى).