ولم أجد من فصّل بينهما ، إلّا أنّ في تحقق الاستصحاب مع ثبوت الحكم بالدليل العقلي ، وهو : الحكم العقلي المتوصّل به الى حكم شرعي ، تأمّلا ، نظرا الى أنّ الأحكام العقليّة كلّها مبيّنة مفصّلة من حيث مناط الحكم الشرعي ،
______________________________________________________
إذن : في المستصحب قد يثبت بدليل عقلي أو شرعي (ولم أجد من فصّل بينهما) بأن قال بحجية الاستصحاب في الحكم الشرعي الثابت بالدليل الشرعي وعدم حجية الاستصحاب في الحكم الشرعي الثابت بالدليل العقلي ، ولا من قال بعكس ذلك.
هذا (إلّا أنّ في تحقق الاستصحاب مع ثبوت الحكم) الشرعي (بالدليل العقلي وهو : الحكم العقلي المتوصّل به الى حكم شرعي) كما تقدّم مثاله (تأمّلا).
وإنّما فيه تأمل وذلك (نظرا الى أنّ الأحكام العقليّة كلّها مبيّنة) واضحة الموضوع بجميع قيوده لدى العقل (مفصّلة من حيث) لحاظ المصالح والمفاسد التي هي (مناط الحكم الشرعي) فإنّ مناط الأحكام الذي هو عبارة عن جهات المصلحة والمفسدة في الشيء لا بد وأن يكون عند العقل واضحا بجميع جهاته حتى يحكم العقل به ، وإلّا لم يحكم العقل به.
وعليه : فالعقل لا يحكم بحسن شيء أو قبحه إلّا بعد أن يدرك موضوعه بجميع قيوده بأن يلاحظ جميع ما له دخل في ذلك الشيء : من وجود المقتضي للحسن أو القبح ، وعدم المانع عنه ، فإذا توفّر كل ذلك حكم عليه.
مثلا : إذا رأى العقل أنّ التصرف في ملك الغير مقتض للقبح ، ورأى إذن المالك مانعا عنه ، فإنه يحكم حينئذ بقبح التصرف في ملك الغير من غير إذن ،