ولا فرق فيما ذكرنا بين أن يكون الشك من جهة الشك في وجود الرافع وبين أن يكون لأجل الشك في استعداد الحكم ، لأنّ ارتفاع الحكم العقلي لا يكون إلّا بارتفاع موضوعه ، فيرجع الأمر بالأخرة الى تبدّل العنوان ،
______________________________________________________
بالماء المتغيّر بعد زوال تغيّره ـ فإنه إذا شككنا في بقاء النجاسة بعد زوال تغيره وعدم بقائها استصحبنا النجاسة.
وإنّما نستصحب النجاسة لأن العرف يرى أنّ الماء المتغيّر وغير المتغيّر موضوع واحد ، وإنّما التغير واللاتغير حالتان طارئتان عليه ، لا أنّهما مقوّمان له.
لا يقال : أن في الحكم الشرعي الثابت بالدليل العقلي يمكن الاستصحاب في الموضوع ، بأن يستصحب في المثال السابق تصرفه في ملك الغير بغير إذن منه ، فإذا تحقق بقاء الموضوع ترتبت عليه الحرمة الشرعية.
لأنّه يقال : لا بأس باستصحاب الموضوع ، كما يأتي في التنبيه الثالث ، لكن الذي نتكلم حوله الآن هو جريان الاستصحاب في نفس الحكم ، أما استصحاب الموضوع وإثبات الحكم له فهو أمرا آخر.
هذا (ولا فرق فيما ذكرنا) : من عدم جريان الاستصحاب في الحكم الشرعي الثابت بالحكم العقلي (بين أن يكون الشك من جهة الشك في وجود الرافع) كاحتمال حصول الاذن بأن تكلم المالك بكلام شككنا في أنه كان إذنا منه أم لا (وبين أن يكون لأجل الشك في استعداد الحكم) أي : في المقتضي ، كما إذا احتملنا زوال عنوان ملك الغير لأجل الاعراض عنه.
وإنّما لا يجري الاستصحاب على كل من التقديرين (لأنّ ارتفاع الحكم العقلي لا يكون إلّا بارتفاع موضوعه ، فيرجع الأمر بالأخرة) على كلا التقديرين (الى تبدّل العنوان) أي عنوان الموضوع العقلي الذي حكم العقل عليه بالحسن