ألا ترى أنّ العقل إذا حكم بقبح الصدق الضارّ ، فحكمه يرجع الى أنّ الضارّ من حيث أنّه ضارّ حرام.
ومعلوم : إنّ هذه القضية غير قابلة للاستصحاب عند الشك في الضرر ، مع العلم بتحققه سابقا ، لأنّ قولنا : «المضرّ قبيح» ، حكم دائمي لا يحتمل ارتفاعه أبدا ، ولا ينفع في إثبات القبح عند الشك في بقاء الضرر.
ولا يجوز أن يقال : إنّ هذا الصدق كان قبيحا سابقا
______________________________________________________
أو القبح ، وللتلازم بين حكم العقل والشرع ترتب حكم الشرع عليه بالوجوب أو الحرمة.
ثم بدأ المصنّف في بيان تبدل العنوان فقال : (ألا ترى أنّ العقل إذا حكم بقبح الصدق الضارّ فحكمه) أي : حكم العقل (يرجع الى أنّ الضارّ من حيث أنّه ضارّ حرام) فالحكم بالحرمة حكم شرعي دليله حكم العقل بالقبح وموضوعه : الصدق الضار ، فالضار هو عنوان الموضوع.
(ومعلوم : أنّ هذه القضية) أي : حرمة الصدق الضارّ (غير قابلة للاستصحاب عند الشك في الضرر مع العلم بتحققه) أي : تحقق الضرر (سابقا) فإذا شككنا في أن الصدق بقي على ضرره ولم يبق على ضرره؟ لا نتمكن من الاستصحاب.
وإنّما لا يمكن الاستصحاب (لأنّ قولنا : «المضرّ قبيح» ، حكم دائمي لا يحتمل ارتفاعه أبدا) فإن المضرّ قبيح ماضيا وحالا ومستقبلا إذا كان محرزا (و) لكن عند الشك (لا ينفع في إثبات القبح عند الشك في بقاء الضرر) فإنا إذا شككنا في بقاء الضرر لا نتمكن أن نحكم بأنه قبيح فهو حرام ، لأن القبح إنّما ثبت على موضوع الضارّ ، والمفروض إنّا نشك في أنّه ضارّ أم لا لتبدّل العنوان؟.
(و) الحاصل : أنه (لا يجوز أن يقال : إنّ هذا الصدق كان قبيحا سابقا