وحينئذ : لم يكن فيه دلالة على استصحاب الطهارة ، وإن شمل مورده ، إلّا أنّ الحكم فيما علم طهارته ولم يعلم طروّ القذارة له ليس من حيث سبق طهارته ، بل باعتبار مجرّد كونه مشكوك الطهارة ، فالرواية تفيد قاعدة الطهارة حتى في مسبوق الطهارة ، لا استصحابها ، بل يجري في مسبوق النجاسة
______________________________________________________
(وحينئذ) أي : حين إرادة خصوص المعنى الأوّل من الرواية (لم يكن فيه دلالة على استصحاب الطهارة ، وإن شمل مورده) لما عرفت : من إن ثبوت الطهارة للشيء المشكوك يشمل المشكوك المسبوق بالطهارة ، كما يشمل المشكوك الذي لم يسبق له طهارة على ما مثّلنا له بالحديد.
(إلّا أن الحكم) بالطهارة (فيما علم طهارته ولم يعلم طروّ القذارة له ليس من حيث سبق طهارته) حتى يكون استصحابا.
(بل باعتبار مجرّد كونه مشكوك الطهارة) والنجاسة وهو مناط قاعدة الطهارة ، فإن مناط القاعدة في جميع مواردها هو : لحاظ مجرد الشك لا لحاظ سبقه بالطهارة ، فسواء كان مسبوق الطهارة أم لم يكن مسبوق الطهارة فإنه إذا كان مشكوك الطهارة حكم بطهارته.
إذن : (فالرواية تفيد قاعدة الطهارة حتى في مسبوق الطهارة ، لا استصحابها) أي : لا استصحاب الطهارة حتى تفيد الاستصحاب.
(بل يجري) قاعدة الطهارة (في مسبوق النجاسة) أيضا ، لأنّ المفروض : إنه سواء كان مسبوق الطهارة أم مسبوق النجاسة ، أم لا سابقة له ، أم نحن لا نعلم سابقته ، فإن كل ذلك مشكوك الطهارة ويكون موردا لقاعدة الطهارة ، غير إنه إذا كان مسبوق النجاسة ، كان استصحاب النجاسة حاكما على القاعدة.