وفيه : أنّ تلك الأصول قواعد لفظية مجمع عليها بين العلماء وجميع أهل اللسان في باب الاستفادة ، مع أنّها أصول عدمية لا يستلزم القول بها القول باعتبار الاستصحاب مطلقا ، إمّا لكونها مجمعا عليها بالخصوص ،
______________________________________________________
وما أشبههما ، فإن احتمال هذه الأمور مما يصرف اللفظ عن ظاهره ولا يدع مجالا للعمل باللفظ ، فإذا استصحبنا عدم القرينة وعدم المعارض وما أشبه ذلك ، تمكّنا أن نعمل على ظاهر اللفظ ، أمّا إذا لم نستصحب عدم هذه الأمور تصبح الألفاظ مجملة فلا يمكن العمل على ظاهرها.
هذا ، ولكن حيث نرى : إن العقلاء كافة يعملون على ظاهر الألفاظ ، نستظهر حجّية الاستصحاب عند العقلاء ، والشارع لم يغيّر طريقتهم فيظهر أنه أيضا اتبع هذه الطريقة في أحكامه.
(وفيه : أنّ تلك الأصول قواعد لفظية مجمع عليها بين العلماء وجميع أهل اللسان في باب الاستفادة) من ظاهر الألفاظ ، فإن أهل اللسان كلهم مجمعون على هذه الاصول وإن لم يكونوا من العلماء ، وإذا كان كذلك فلا تتم أركان الاستصحاب ، لأن من أركان الاستصحاب : اليقين السابق والشك اللاحق ، وحيث ثبت اجماع العلماء عليها فلا شك في اللاحق ، فلا يكون هذا من باب الاستصحاب.
(مع) إنا لو قلنا بأن هذا من الاستصحاب ، لا يكون أيضا دليلا على القول الأوّل القائل بحجية الاستصحاب مطلقا ، وذلك لما عرفت : من (أنّها أصول عدمية لا يستلزم القول بها القول باعتبار الاستصحاب مطلقا) أي : سواء في الاصول العدمية أم في الاصول الوجودية.
وعدم استلزامها ذلك (إمّا لكونها مجمعا عليها بالخصوص) فلا يتعدّى منها