بل يفهم من حاله من جهة أمر خارجي عن الدليل أنّه يريد استمرار ذلك الحكم الأوّل من دون دلالة الحكم الأوّل على الاستمرار ، فإذا رأينا منه أنّه اكتفى في إبداء الحكم بالأمر المطلق القابل للاستمرار وعدمه ، ثم علمنا : أنّ مراده من الأمر الأوّل الاستمرار نحكم فيما لم يظهر مراده بالاستمرار
______________________________________________________
أو بزمان محدود كعشر سنوات أو عشرين سنة ، أو ما أشبه ذلك.
(بل يفهم من حاله) أي : حال المولى (من جهة أمر خارجي عن الدليل) فإن الاستمرار في الاحكام ليس وجودا في متن الدليل ، وإنّما هناك أدلة خارجية تشير الى (أنّه يريد استمرار ذلك الحكم الأوّل).
مثلا : وجوب الصلاة مستمر ، وكذلك وجوب الصوم ، وحرمة شرب الخمر مستمر ، وكذلك حرمة السرقة ، وهكذا ، وذلك (من دون دلالة الحكم الأوّل على الاستمرار) فإن : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) (١) و (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ) (٢) وغيرهما من أدلة الأحكام لم تكن بنفسها دالة على العموم الازماني والاستمراري.
وعليه : (فإذا رأينا منه) أي : من المولى (أنّه اكتفى في إبداء الحكم بالأمر المطلق) أي : من دون تعيين الزمان فيه (القابل) ذلك الاطلاق (للاستمرار وعدمه) أي : عدم الاستمرار. مثل قوله سبحانه : (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ) (٣) وقوله سبحانه : (فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) (٤) (ثم علمنا : أنّ مراده من الأمر الأوّل الاستمرار) فإذا تحققت هذه المقدمات (نحكم فيما لم يظهر مراده بالاستمرار) إنه مستمر أيضا.
__________________
(١) ـ سورة البقرة : الآية ٤٣ و ٨٣ و ١١٠.
(٢) ـ سورة المائدة : الآية ٩٠.
(٣) ـ سورة النور : الآية ٣٢.
(٤) ـ سورة النور : الآية ٣٣.