.................................................................................................
______________________________________________________
يا سمرة إلّا مضار اذهب يا فلان فاقطعها واضرب بها وجهه» (١).
وهنا لا بأس أن نقول تعليقا على الحديث المتقدم : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان همّه نشر الاسلام ، وكسر الأصنام ، وصبّ الناس في بوتقة الدين ، ولهذا كان صلىاللهعليهوآلهوسلم من اللين الخلقي ، والرفق العملي على جانب كبير لم يصل إليه أحد قبله ولا بعده ، وكان من لينه العملي أن لم يجعل سجنا إطلاقا ، فان أول من جعل السجن عمر بن الخطاب على ما ذكره المؤرّخون (٢) ، ولم يجر الحدّ إلّا قليلا جدا ، ولم نعهد منه تعزيرا ، وذلك لأنّ هذه الامور مما تنفّر الناس ، فلا داعي لها إلّا في أشد حالات الضرورة.
وعليه : فانّه صلىاللهعليهوآلهوسلم بهذا الخلق الرفيع واللين الغريب حيث وصفه سبحانه بقوله : (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) (٣) تمكّن أن ينشر الاسلام ويحطّم الأصنام في رقعة واسعة من العالم ، من الكويت الحالية إلى آخر اليمن ، وإلى الاردن حيث قلعة أكيدر ، مرورا بالبحرين ، والمسقط ، والأمارات ، وقطر ، وكل أجزاء الحجاز.
إذن : فلا عجب من أن نراه صلىاللهعليهوآلهوسلم يستعمل هذا القدر الهائل من اللين مع سمرة كما أن تهديده صلىاللهعليهوآلهوسلم بتنفيذ حكم الله تعالى في حقه لم يكن إلّا بعد اليأس من ارتداعه عن الظلم ، وكثيرا ما كان تهديده صلىاللهعليهوآلهوسلم بمجرد اللفظ ليردع الطرف عن غيّه ، ويرجعه إلى الصواب كما عليه دأب القرآن حيث يقول سبحانه
__________________
(١) ـ من لا يحضره الفقيه : ج ٣ ص ١٠٣ ب ٢ ح ٣٤٢٣ ، وسائل الشيعة : ج ٢٥ ص ٤٢٨ ب ١٢ ح ٣٢٢٧٩.
(٢) ـ للتفصيل راجع كتاب أحكام السجون للدكتور أحمد الوائلي.
(٣) ـ سورة آل عمران : الآية ١٥٩.