كان للتوهّم المذكور مجال.
وقد يدفع : بأنّ العمومات الجاعلة للأحكام إنّما تكشف عن المصلحة في نفس الحكم ولو في غير مورد الضرر ، وهذه المصلحة لا يتدارك الضرر الموجود في مورده ، فانّ الأمر بالحج والصلاة ـ مثلا ـ يدلّ على عوض ولو مع عدم الضرر ، ففي مورد الضرر لا علم بوجود ما يقابل الضرر.
______________________________________________________
في مورده (كان للتوهّم المذكور) وهو : تقدّم أدلة التكاليف الأولية على قاعدة لا ضرر وشبهها (مجال) واسع ، لكن القرينتين دليلان على ما ذكرناه : من حكومة لا ضرر ونحوه على الأدلة العامة الأولية.
هذا (وقد يدفع) التوهم المذكور والدافع هو صاحب العوائد وصاحب العناوين : (بأن العمومات الجاعلة للأحكام) مثل : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) (١) ومثل : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ) (٢) (إنّما تكشف عن المصلحة في نفس الحكم ولو في غير مورد الضرر) فان الصلاة والصوم والحج إنّما وجبت لمصلحة فيها (وهذه المصلحة لا يتدارك الضرر الموجود في مورده) أي : في مورد الضرر.
وعليه : (فانّ الأمر بالحج والصلاة ـ مثلا ـ يدلّ على عوض ولو مع عدم الضرر) ولذا يجب الاتيان بالحج والصلاة ونحوهما (ففي مورد الضرر لا علم بوجود ما يقابل الضرر) من المصلحة ، ولذا تسقط تلك العمومات ، فلا يجب ما كان من العبادات ضرريا.
وان شئت قلت : ان الوضوء إنّما وجب لمصلحة فيه ، فان كان فيه ضرر ، قابل الضرر تلك المصلحة فأسقطها ، وبعد ذلك لا يكون في الوضوء مصلحة حتى يجب الوضوء ، ولذا يسقط وجوب الوضوء.
__________________
(١) ـ سورة المزمل : الآية ٢٠.
(٢) ـ سورة البقرة : الآية ١٨٣.