وهذا الدفع أشنع من أصل التوهّم ، لأنه إذا أسلم عموم الأمر لصورة الضرر ، كشف عن وجود مصلحة يتدارك به الضرر في هذا المورد ، مع أنّه يكفي حينئذ في تدارك الضرر الأجر المستفاد من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أفضل الأعمال أحمزها» ، وما اشتهر في الألسن وارتكز في العقول : من أنّ : «الأجر على قدر المشقّة».
______________________________________________________
(وهذا الدفع) للتوهم المتقدم (أشنع من أصل التوهّم) فكما ان أصل التوهم فاسد لما ذكرناه من الأدلة الكثيرة الدالة على حكومة قاعدة لا ضرر على الأدلة الأولية ، يكون هذا الجواب أفسد من ذلك التوهم لأمرين :
أولا : (لأنه إذا أسلم عموم الأمر) بالوضوء ـ مثلا ـ (لصورة الضرر ، كشف) العموم هذا (عن وجود مصلحة يتدارك به الضرر في هذا المورد) أي : في مورد الضرر أيضا ، فيكون حال الأمر الأولي بالوضوء حينئذ حال الأوامر الأولية المتعلقة بالموضوعات الضررية : من الخمس والزكاة والحج والجهاد وغير ذلك ، فيجب الوضوء حتى في مورد الضرر أيضا.
ثانيا : (مع أنّه يكفي حينئذ) أي : حين شمول الأدلة الأولية لمورد الضرر (في تدارك الضرر : الأجر المستفاد من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أفضل الأعمال أحمزها» (١) ، وما اشتهر في الألسن وارتكز في العقول : من أنّ : «الأجر على قدر المشقّة» (٢)) فيكون للوضوء الضرري جهتان : جهة المصلحة وهي تسقط بسبب الضرر وجهة الأجر وهي لا تسقط بسبب الضرر ، فيكون واجبا لأجل ما فيه من الأجر.
ثم انه لا بأس باشارة مختصرة إلى هذه الرواية التي ذكرها المصنّف وهي :
__________________
(١) ـ مفتاح الفلاح : ص ٤٥ ، النهاية : ج ١ ص ٤٤٠ ، بحار الانوار : ج ٧٠ ص ١٩١ ب ٥٣ ح ٢ وص ٢٣٧ ب ٥٤ ح ٦.
(٢) ـ بحار الانوار : ج ٧٣ ص ٢٧٥ ب ١٣٢ ح ٢٧ (بيان).