.................................................................................................
______________________________________________________
«أفضل الأعمال أحمزها» فانه لا يبعد ان يراد بذلك ما إذا كان هناك عملان أحدهما أشد من الآخر ، فان الأشد يكون أفضل ، فدراسة الفقه ـ مثلا ـ أصعب من دراسة الطب ، فيكون دراسة الفقه أفضل وهكذا.
وبهذا المعنى لا ينافي هذا الحديث مثل قوله سبحانه : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) (١) ولا مثل قوله سبحانه : (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (٢) ولا مثل قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ان هذا الدين رفيق فأوغل فيه برفق» (٣).
لكن ربما يقال : انه يمكن إرادة ذلك العمل الواحد أيضا ، كما إذا كان للعمل الواحد طريقان : طريق أصعب وطريق أسهل ، فان الطريق الأصعب يكون أفضل ، فالحج ـ مثلا ـ مشيا أفضل من الحج ركوبا ، ولهذا كان الأئمة عليهمالسلام يذهبون إلى الحج مشيا.
هذا ، ولكن لا شك في ان الحج مشيا أفضل من الركوب إذا كان لأجل التواضع لله سبحانه ، كما ان بساطة العيش وأكل ما جشب من الطعام لأئمة المسلمين أفضل من خصوبة العيش وأكل اللباب إذا كان لله سبحانه ، وذلك لما فيه من توفير المال على الرعية ، ومواساة الضعفاء منهم ، ودفع اتهام التصرف في أموالهم ، وتسلية الفقراء منهم ، كما أشار إلى ذلك أمير المؤمنين عليهالسلام في كلام له في نهج البلاغة (٤).
أمّا بدون مصلحة التواضع ، أو مصلحة المواساة للرعية كما في إمامة المسلمين فالأيسر أفضل.
__________________
(١) ـ سورة البقرة : الآية ١٨٥.
(٢) ـ سورة الحج : الآية ٧٨.
(٣) ـ وسائل الشيعة : ج ١ ص ١١٠ ب ٢٦ ح ٢٧٠ وفيه (متين) بدل (رفيق) ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ٢ ص ٩٤.
(٤) ـ راجع ارشاد القلوب : ص ٢١٤ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ١٦ ص ٢٨٧ راجع الخطبة «أأقنع من نفسي بأن يقال لي أمير المؤمنين ولا أشاركهم في مكاره الدهر وجشوبة العيش».