أمّا على القول بكونه من الاصول العمليّة ، ففي كونه من المسائل الاصوليّة غموض ، لأنّ الاستصحاب حينئذ قاعدة مستفادة من السنّة ، وليس التكلّم فيه تكلّما في أحوال السنّة ، بل هو نظير سائر
______________________________________________________
علم الاصول.
هذا كله بناء على كون مسألة حجية الاستصحاب من باب الحكم العقلي.
و (أمّا على القول بكونه من الاصول العمليّة) المقررة للشاك تعبدا بسبب الأخبار (ففي كونه من المسائل الاصوليّة غموض) لأنها حينئذ أشبه بالقواعد الفقهية مثل : قاعدة لا ضرر ، وقاعدة من ملك شيئا ملك الاقرار به ، وقاعدة الميسور لا يترك بالمعسور ، وما أشبه ذلك.
وإنّما لا يكون الاستصحاب مسألة اصولية (لأنّ الاستصحاب حينئذ) أي : حين كونه أصلا عمليا (قاعدة مستفادة من السنّة) حيث ورد في السنة : «لا تنقض اليقين أبدا بالشك» (١) (وليس التكلّم فيه تكلّما في أحوال السنّة) إذ أحوال السنة شيئان فقط :
الأوّل : هل السنة حجة أو ليست بحجة؟.
الثاني : هل الشيء الفلاني سنة أو ليس بسنة؟.
ومن المعلوم : ان الاستصحاب لا يتكلم فيه عن أحد الشيئين ، وإنّما يتكلم فيه عن مفاد السنة أي مفاد : «لا تنقض اليقين بالشك» مثل : التكلم عن مفاد قاعدة الميسور ، وقاعدة من ملك شيئا ملك الاقرار به ، وما أشبههما من القواعد الكثيرة كما قال : (بل هو) أي : التكلم في الاستصحاب تكلم في مفاد السنة (نظير سائر
__________________
(١) ـ كصحيحة زرارة الاولى ، انظر تهذيب الاحكام : ج ١ ص ٨ ب ١ ح ١١ ، وسائل الشيعة : ج ١ ص ٢٤٥ ب ١ ح ٦٣١.