وجملة (وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ) أوجدت على ما يظهر في أذهان بعض المسلمين فكرة (التوسل) أي الاستشفاع بالأنبياء والأولياء وعباد الله الصالحين من أموات وأحياء لدى الله والإقسام عليه بحقهم بقضاء مطالب متنوعة من دفع ضرر وجلب نفع على اعتبار أنهم من الوسائل التي حثّت الآية على ابتغائها إليه. وبلغ الأمر إلى أن صاروا يشدّون الرحال إلى قبور الأنبياء وغيرهم من أولياء الله وينذرون لهم النذور ويقسمون على الله بحقهم أن يحقق لهم مطالبهم. وقد استشرت هذه العادة عند المسلمين في القرون المتأخرة. وكانت من أهم ما ثار عليه الإمام محمد عبد الوهاب من بدع مخالفة لروح الإسلام والتوحيد حتى أقدم متبعو دعوته تحت لواء السعوديين في القرن الماضي على هدم مزارات الأولياء في كل بلد احتلوه.
ولقد روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه صحب العباس رضي الله عنه عمّ النبي صلىاللهعليهوسلم إلى الاستسقاء فقال (اللهم إنّا كنّا إذا أجدبنا توسّلنا إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعمّ نبينا فاسقنا) كما رويت بعض الآثار الأخرى التي روي فيها أن النبي صلىاللهعليهوسلم علّم بعض أصحابه أن يدعو إلى الله بحقه فكان هذا وذاك مستندا لمن سار على هذه العادة من المسلمين.
ولم نر المفسرين القدماء الذين اطلعنا على كتبهم يذكرون هذه العادة عند هذه الآية. حيث يدل هذا على أنها لم تكن في القرون الإسلامية الأولى. غير أنها صارت تمارس في القرون الإسلامية الوسطى حيث التفت إليها الإمام المصلح ابن تيمية فيما التفت إليه من بدع وألّف فيها رسالة باسم (الوسيلة والتوسل) ضمنها تحقيقا جليلا كعادته رحمة الله عليه. ولقد استطرد إلى ذكرها الإمامان رشيد رضا وجمال القاسمي في تفسيريهما. ونوّها برسالة الإمام ابن تيمية واعتبراها القول الفصل في الأمر وأوردا مقتبسات منها.
ومما قرره الإمام أن لفظ التوسل بالنبي صلىاللهعليهوسلم يراد به ثلاثة معان. (أحدها) التوسل بطاعته وهذا حقّ وأصل من أصول الدين لقول الله تعالى (وَأَطِيعُوا اللهَ