في الإسلام حرام تستوجب الحدّ. ولسنا نرى هذا وجيها. فالآية من جهة مطلقة ، والسرقة من جهة ثانية من الجرائم العامة التي هي محرمة في كل شريعة ولا يمكن أن يجهل أحد أن فاعلها ينجو من عقاب.
٣ ـ اختلف في النصاب الذي يقطع به بسبب اختلاف المأثور من السنّة النبوية. فهناك حديث رواه الخمسة عن عائشة قالت «قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لا تقطع يد السارق إلّا في ربع دينار فصاعدا» (١) وهناك حديث عن ابن عمر رواه البخاري ومسلم والترمذي «أن رسول الله قطع سارقا في مجنّ قيمته ثلاثة دراهم» (٢) وهناك حديث عن ابن عباس رواه أبو داود والنسائي «أنّ رسول الله قطع في مجنّ قيمته دينار أو عشرة دراهم» (٣) فذهب بعض أئمة الفقه إلى اعتبار النصاب الأدنى ما قيمته ربع دينار أو ثلاثة دراهم ـ وقيمة الدراهم الثلاثة كانت تقارب قيمة ربع الدينار ـ وذهب آخرون إلى اعتبار النصاب الأدنى دينارا أو عشرة دراهم. وبناء على ذلك فمن سرق دون النصاب الأدنى لا يقطع. وهذا التشريع النبوي متمم للتشريع القرآني. حيث أوضح ما سكت عنه القرآن.
والمتبادر أن النصاب الأدنى سواء أكان ربع دينار أم دينارا إنما حدد حسب ظروف البيئة النبوية ؛ وهذا يورد على البال سؤالا عما إذا كان يصح أن يكون النصاب عرضة لتقدير ولي الأمر في حالة تغير الظروف والقيم وتطورها؟ ونميل إلى الإيجاب والله أعلم.
ولقد لاح لنا إلى هذا حكمة سامية في جعل النصاب الذي يقطع به ضئيلا. فالذي يسرق القليل يسرق الكثير. والعقوبة إنما استهدفت زجر المجرم وردع غيره عن الجريمة. فإذا ما عرف أن اليد عرضة للقطع مقابل القليل ارتدع عن القليل والكثير معا. ولعلّ حديث أبي هريرة الذي رواه الخمسة والذي جاء فيه أن
__________________
(١) التاج ج ٣ ص ١٩.
(٢) المصدر نفسه.
(٣) المصدر نفسه.