٩ ـ والعلماء متفقون على أن القطع هو عمل قضائي ينفذ بأمر ولي الأمر. وهم متفقون كذلك على أن السرقة تثبت بالاعتراف أو البينة. وهذا وذاك حقّ.
١٠ ـ وقطع اليد هو قطع الرسغ أي لا يصل إلى المرفق. وهناك حديث عن فضالة بن عبد الله رواه أصحاب السنن «أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أمر بسارق فقطعت يده ثم أمر بها فعلّقت في عنقه» (١) وهذا يؤيد ذاك كما هو المتبادر.
١١ ـ وقد اختلف العلماء في تكرر القطع بتكرر الجرم. فهناك من قال بقطع اليد اليمنى في المرة الأولى والرجل اليسرى في الثانية واليد اليسرى في الثالثة والرجل اليمنى في الرابعة ثم يعزر ويحبس. ورووا في تأييد ذلك حديثا نبويا عن أبي هريرة وعن أبي بكرة لم يرد في أي من الكتب الخمسة جاء فيه «إن سرق فاقطعوا يده ثم إن سرق فاقطعوا رجله ثم إن سرق فاقطعوا يده ، ثم إن سرق فاقطعوا رجله» (٢) وقد قال المفسر البغوي الذي أورد هذا الحديث إن مالكا والشافعي أخذا به. وهناك من قال تقطع اليد اليمنى في المرة الأولى والرجل اليسرى في المرة الثانية فقط فإذا تكرر حبس وعزر. ولم يورد قائلو هذا القول سندا. وهناك من قال بالاكتفاء بقطع اليد اليمنى في المرة الأولى فإذا تكرر حبس وعزر ويبدو من هذا أن أصحاب القولين الأولين لم يثبت عندهم الحديث الذي رواه البغوي. وأن أصحاب القول الثالث أخذوا بالآية التي تأمر بقطع يد السارق.
ويلحظ أن قطع الأيدي والأرجل من خلاف إنما جعل عقوبة للمحاربين المفسدين. وأن تعيين عقوبة خاصة للسارق هو بسبيل إبراز الفرق بين عقوبته وعقوبة المحارب المفسد بحيث يمكن أن يقال إنه لا يصح أن يقاس السارق العادي بالمحارب المفسد. وإن القول الثالث هو الأوجه إلّا أن يقال إن تكرار إقدام السارق على السرقة يجعله في حكم المحارب المفسد ثم يؤخذ بحديث البغوي. والله أعلم.
__________________
(١) التاج ج ٣ ص ٢٠.
(٢) النصّ من تفسير البغوي.