ذكر بعض أسفار ما بعد السبي أنه كان متداولا في أيدي اليهود قد ظلّ متداولا في أيديهم إلى زمن النبي صلىاللهعليهوسلم وليس هو الآن في التداول فيكون قد ضاع.
هذا ، ومع ما قاله المؤولون والمفسرون من أن معنى السحت هو المال الحرام إطلاقا فإن الطبري والبغوي وغيرهما نقلوا عن مجاهد والحسن وقتادة أن الكلمة في مقام ورودها بالنسبة لليهود قد عنت الرشوة التي كان قضاة اليهود يأخذونها ليحكموا لمن يدفعها إليهم بالباطل ضدّ خصومهم. ولا يخلو هذا من وجاهة مستلهمة من مقام الجملة ومدى الآيات والأسلوب الذي جاءت به قد يفيد أنه كان مستشريا بينهم على نطاق واسع وفي بعض أسفار العهد القديم وفي بعض الأناجيل تنديدات باليهود على ذلك. ولقد استطرد البغوي إلى إيراد الحديث الذي لعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيه الراشي والمرتشي وأوردناه في سياق الآية [١٨٨] من سورة البقرة فلم نر ضرورة لإعادة إيراده.
(إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللهِ وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ (٤٤) وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٤٥)) [٤٤ ـ ٤٥].
(١) الربانيون : نسبة إلى الرب. وهي بمعنى رجال الله وعلماء كتابه.
(٢) الأحبار : الفقهاء أو القضاة ، والحبر هو العالم الفقيه.
(٣) والجروح قصاص : بمعنى إذا جرح إنسان إنسانا جرحا غير ما ورد في الآية فيقتصّ منه بجرح مماثل.