هوى المتخاصمين والحذر من الوقوع في شركهم وتدليسهم وخداعهم أو التأثر بتقاليد وعادات قديمة مخالفة لأحكام الله تعالى. حيث ينطوي في هذا تلقين جليل مستمر المدى للذين يتولون الحكم والقضاء في الإسلام. والثاني جملة (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ) بعد جملة (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ) التي قال المفسرون والمؤولون إنها موجهة بنوع خاص إلى النبي صلىاللهعليهوسلم وأتباعه بعد الجملة الأولى التي عنت الجميع ، وروحها يلهم صواب هذا القول حيث يسوغ القول إنها انطوت على حثّ المسلمين وقد جعل الله كتابهم هو المهيمن على الكتب السابقة ورشح دينهم ليظهره على الدين كلّه على استباق الخيرات ليبرهنوا على أنهم أهل لهذا الدين والمهمة التي حمّلهم الله إياها في نشره والله تعالى أعلم.
ولقد أورد ابن كثير في سياق الآية الأخيرة حديثا عن ابن عباس عن النبي صلىاللهعليهوسلم أخرجه الطبري ، ورواه عنه البخاري بصيغة مقاربة هذا نصها «أبغض الناس إلى الله ثلاثة. ملحد في الحرم. ومبتغ في الإسلام سنّة الجاهلية. وطالب دم امرئ بغير حقّ ليريق دمه» حيث يتساوق التلقين النبوي مع التلقين القرآني ويوجه بنوع خاص إلى المسلمين.
وقد يرد ملاحظة مهمة في صدد الآيات جملة. وهي أن الأحكام المحددة التي أنزلها الله في القرآن معدودة. وشؤون الناس كثيرة ومتطورة ومتبدلة. وقد يكون فيها ما لم يرد نصا في القرآن. ولقد بحثنا هذا الأمر في سياق الآيتين [٥٩ و ١١٥] في سورة النساء وأوردنا ما رأيناه حقا سائغا في ذلك فنكتفي بهذا التنبيه.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٥١) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلى ما أَسَرُّوا