أن تكون قطعية على صواب ما قرّرناه من أن الآية [٦٧] التي يتمسك بها الشيعة جزء من السياق وأن تمسكهم بها تعسف وتمحّل.
وفي الآية نصّ صريح والحالة هذه على أن اليهود والنصارى من وجهة النظر الإسلامية ليسوا على هدى يضمن لهم النجاة عند الله ما داموا لا يؤمنون بالرسالة المحمدية والقرآن الذي أنزله الله على محمد صلوات الله عليه. وهو ما دعوا إليه مرارا. وكانت أحدث دعوة إليه قبل هذه الآية في الآية [٦٥] وقبلها في الآيات [١٣ ـ ١٦ و ١٩] من هذه السورة.
ولقد روى مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال «والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلّا كان من أهل النار» (١) حيث ينطوي في الحديث تفسير وتوضيح لمدى الآية متساوقان مع ما استلهمناه منها.
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصارى مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٩)) [٦٩].
عبارة الآية واضحة. وهي مماثلة ـ بفرق طفيف ـ لآية سورة البقرة [٦١] التي جاءت في سياق التنديد باليهود ومواقفهم وجحودهم كما جاءت هذه هنا. وليس هناك رواية خاصة بنزولها. والمتبادر أنها متصلة بالسياق اتصال تعقيب واستطراد وتنبيه لتقرر أن رضاء الله لا ينال باليهودية والنصرانية والصابئية والإسلام وإنما ينال بالإيمان بالله إيمانا صادقا واليوم الآخر والعمل الصالح لا غير. وإن من يفعل ذلك منهم فهو الذي لا يكون عليه خوف ولا حزن من العاقبة.
وما دامت الآية متصلة بالسياق فإن وجوب الإيمان بالرسالة المحمدية والقرآن منطو فيها بالنسبة لليهود والنصارى والصابئين بطبيعة الحال. ولقد شرحنا هذه المسألة شرحا أوفى في سياق تفسير آية البقرة المذكور فنكتفي بهذا التنبيه.
__________________
(١) التاج ج ١ ص ٣٠.