ولقد روى ابن كثير حديثا أخرجه الإمام أحمد عن أنس بن مالك قال «قال النبي صلىاللهعليهوسلم لكلّ نبي رهبانية ورهبانية هذه الأمة الجهاد في سبيل الله» (١) وروى الطبرسي حديثا آخر جاء فيه «لا رهبانية في الإسلام» (٢).
ولقد تعددت أقوال المؤولين التي يرويها المفسرون في تأويل جملة (وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) حيث قيل إنها بمعنى لا تتجاوزوا ما رسم الله من الحلال والحرام كما قيل إنها بمعنى لا تستنوا بغير سنّة الإسلام. أو إنها بمعنى لا تتجاوزوا الحلال إلى الحرام وكل هذه المعاني مما تتحمّله الجملة. وقد خطر لنا معنى آخر وهو عدم الإسراف ووجوب الاعتدال فيما أحلّه الله للمسلمين من طيبات الحياة على ضوء آية الأعراف هذه (يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (٣١)) والله تعالى أعلم.
(لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٨٩)) [٨٩].
(١) اللغو في أيمانكم : روي عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال عن اللغو في الأيمان هو كلام الرجل في بيته : كلا والله وبلى والله (٣).
(٢) بما عقدتم الأيمان : بما وثقتم الأيمان أو صممتم في أنفسكم عليه. أو
__________________
(١) انظر تفسير آية الحديد [٢٧] في تفسير ابن كثير.
(٢) انظر تفسير الطبرسي لهذه الآية أيضا.
(٣) انظر التاج ج ٣ ص ٧٠.