ولو لم يكن ذلك دائما فمن الواجب أن يكون طعام المساكين العشرة من ذلك. وإلى هذا فهناك اتساق على عدم جواز الإطعام من النوع الرديء الذي لا يأكله أهل الحالف عادة. وهذا وذاك حقّ متسق مع نصّ الآية وروحها. ويستتبع هذا القول إنه إذا كان طعام أهل الحالف من الأنواع الرديئة مثل خبز الذرة والشعير والملح والبصل والخلّ والزيت فلا بأس على الحالف من أن يطعم المساكين منه أيضا. عملا بالمبدأ القرآني (وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللهُ لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها).
٥ ـ وهناك قول بأن الطعام هو وجبة واحدة مشبعة. وقول إنه قوت يوم كامل. أو غذاء أو عشاء. والآية تتحمل كل ذلك ومن السائغ القول إن على الميسور أن يفعل الأحسن.
٦ ـ وهناك قول إنه يصحّ جمع المساكين العشرة وإطعامهم أو إطعامهم متفرقين. وكل هذا وجيه. وعزا رشيد رضا إلى أبي حنيفة جواز إطعام مسكين واحد عشرة أيام ولا بأس في هذا وإن كان الأولى التزام النصّ وإطعام عشرة مساكين.
٧ ـ وأجاز بعضهم إعطاء بدل عيني. والآية تذكر الطعام الذي يمكن أن يقال إن المقصود به المهيأ للأكل. ولعلّ القائلين جوزوه لأنه يمكن أن يتحول إلى طعام مجز. وليس في هذا الرأي بأس فيما نرى. وقد اختلفوا في القدر فقيل إنه مدّ من برّ أو مدّ من تمر أو نصف صاع من برّ أو نصف صاع من تمر. أو مدّ برّ ومدّ تمر أو نصف صاع برّ ونصف صاع تمر. وروى رشيد رضا عن ابن ماجه حديثا يذكر أن النبي صلىاللهعليهوسلم كفّر بصاع من تمر وأمر به مع التنبيه على أن المفسر وصف الحديث بأنه ضعيف. ونقول هنا ما قلناه في الطعام المهيأ. وهو أن على الميسور أن يعطي الأكثر الأفضل.
والمتبادر أن المقادير المروية هي ما كانت تعدّ مجزية في الظرف والعرف اللذين قدرت فيهما وهذا ما ينبغي أن يلاحظ في أي ظرف وعرف كما هو