أقل الكفارات الأخرى قيمة. وهذا العجز يقدر حسب ظروف الحالف. وهذه مسألة إيمانية يوكل المرء فيها إلى دينه وتقواه.
١١ ـ وهناك من لم يقيد الرقبة بأي قيد من لون ودين وجنس. وهناك من قيدها بأن تكون مؤمنة استلهاما من آية النساء [٩٢] التي تقيد الرقبة الواجب عتقها على القتل الخطأ بكونها مؤمنة. وهناك من قيدها إلى هذا بأن لا يكون فيها عيب أو عاهة من عمى وطرش وخرس وجنون أو لا يكون صغير السن. ويتبادر لنا أن قيد (المؤمنة) وجيه. ولكن إذا لم يوجد مملوك مسلم يشترى ليعتق فلا بأس فيما نرى من عتق رقبة غير مؤمنة لأن في ذلك على كل حال تحريرا للإنسان الذي كرّم الله جنسه مطلقا. وقد يكون إطلاق النصّ هذا مما يعضد هذا التسويغ. والمتبادر أن القائلين بسلامة الرقيق من العيب وبكونه كبير السن حتى لا يسترخص الحالف الرقبة التي يشتريها. ومع أن تحرير إنسان كبير وسليم قد يكون أنفع إلا أن تحرير إنسان صغير وذي عاهة ينطوي على البرّ والإشفاق أيضا مما يجعلنا لا نرى ذلك القيد وجيها وضروريا والله أعلم.
١٢ ـ وهناك من أوجب أن يكون صيام الأيام الثلاثة متتابعا وعدّ الفطر في اليوم الثاني أو الثالث ناقصا يوجب الإعادة وقد روي أن كعب بن أبي أحد كبار قراء أصحاب رسول الله كان يقرأ (ثلاثة أيام متتابعات) وهناك من أجاز عدم التتابع ويلحظ أن القرآن نصّ على التتابع في صيام الشهرين اللذين يجب صيامهما على قاتل الخطأ في آية سورة النساء [٩٢] وعلى المظاهر لزوجته في آية سورة المجادلة [٤] وما دام أن المؤولين قالوا إن صفة الرقبة يجب أن تكون مؤمنة قياسا على آية سورة النساء فيسوغ أن يقاس عليها أيضا ويقال إن التتابع في صيام الأيام الثلاثة هو الأوجه والله تعالى أعلم.
وفي تفسير المنار نبذتان عن أقسام الحلف. واحدة تبدو أنها للمفسر وأخرى مقتبسة من فتاوى الإمام ابن تيمية وفي كل منهما سداد وفائدة ولذلك رأينا أن نوردهما في هذه المناسبة.