ماتوا والثاني بالنسبة للذين ظلوا أحياء في عهد النبي والثالث للزمن المقبل.
وفي كل هذه الأقوال وجاهة. ولقد انطوت الآية على رفع الحرج عن المؤمنين في زمن النبي عمّا فعلوه ولم يكن محرّما عند فعله. كما انطوت على تلقين مستمر المدى بكون المهم عند الله تعالى هو الإيمان والتصديق والاجتهاد في اتقاء حرمات الله ومحرماته واتباع أوامره واجتناب نواهيه والعمل الصالح والإحسان فيه ثم يتسامح الله عزوجل فيما يتناوله المؤمنون من مشروب ومطعوم بحسن نية وبغير قصد الإثم وبغير العلم بالإثم ولو كان في حقيقته فيه شبهة أو تهمة. وهذا متسق مع تلقينات القرآن العامة. ومتسق مع طبائع الأمور ، ومن مرشحات الشريعة الإسلامية للخلود.
وواضح من هذا أن التسامح لا يشمل الذين يتناولون المحرمات من مطعوم ومشروب عن علم خلافا لما يقوله ويفعله بعض الفسّاق والمجّان.
ويظهر أن هذا قديم حيث رأينا الرازي يتصدى له ويفنده تفنيدا سديدا على ما جاء في تفسير رشيد رضا مسهبا مع تفنيده بدوره تفنيدا سديدا.
ومقام الآية ونصّها لا يمكن أن يتحملا ذلك. فهي في صدد الذين تناولوا ما تناولوه قبل تحريمه وهي تشترط لرفع الجناح عنهم أن يتقوا حرمات الله بعد تحريمه ويؤمنوا ويحسنوا ويعملوا الصالحات.
واستحلال ذلك بعد نزول الآيات المحرّمة كفر وتناول المحرمات مع الاعتراف بحرمتها دون استحلالها كبيرة. وكل ما يمكن أن يقال في الحالة الثانية هو أن باب التوبة مفتوح أمام المؤمن في نطاق شروطها من ندم واستغفار وعزم على عدم العودة وفي حالة الصحة. والله تعالى أعلم.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ (٩٤) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ