ويبدو من روح الحديثين والحادثين أن النبي صلىاللهعليهوسلم تيقّن من كلام الزوجين فأمر بما أمره.
وهناك حديث رواه أبو داود والترمذي عن ابن عباس قال : «ردّ النبي صلىاللهعليهوسلم زينب على أبي العاص بن الربيع بعد ستّ سنين بالنّكاح الأول ولم يحدث نكاحا» (١) وزينب هي بنت رسول الله صلىاللهعليهوسلم. وقد ذكر ابن هشام قصتها. وخلاصة ذلك أن زوجها وقع أسيرا في جملة أسرى بدر ، وكانت هي في عصمته في مكة فأرسلت قلادتها لفدائه. فاستشار النبي أصحابه بالمنّ عليه بدون فداء فوافقوا ومنّ عليه على شرط أن يرسلها إلى المدينة ففعل. ثم وقع أسيرا مرة أخرى وجيئ به إلى المدينة فاستجار بزينب فأخبرت بذلك أباها فأجاره ولكنه نبّه عليها قائلا : «لا يخلصنّ إليك فإنّك لا تحلّين له. وقد عاد إلى مكة بعد هذا الحادث وقضى مصالحه ورجع فأسلم فردّ النبي عليه زوجته بدون نكاح جديد» (٢).
وقد روى الإمام مالك حادثا مماثلا في حديث رواه عن ابن شهاب جاء فيه «أنّ صفوان بن أمية فرّ يوم الفتح فأرسل إليه النبيّ أمانا فعاد وكانت امرأته قد أسلمت قبله فردّها عليه بدون نكاح جديد» (٣). وروى البخاري حديثا عن ابن عباس قال : «إذا أسلمت النصرانية قبل زوجها بساعة حرّمت عليه» (٤).
وقد يكون إسلام أبي العاص قبل نزول آيات الممتحنة التي حرّمت الزوجات المسلمات على أزواجهم الكافرين فلم يكن فيما فعله النبي نقض لأن الحكم القرآني لم يكن قد نزل. غير أن هذا ليس واردا بالنسبة لصفوان وزوجته. ويمكن والحالة هذه أن يقال إن النبي صلىاللهعليهوسلم فسّر جملة : (لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَ) في آية سورة الممتحنة بحرمة الوطء دون انفساخ العقد. وتكون جملة «حرّمت عليه» في
__________________
(١) التاج ج ١ ، ص ٣٢٥.
(٢) ابن هشام ج ٢ ، ص ٢٩٦ و ٢٩٧ و ٣٠٢ و ٣٠٣.
(٣) الموطأ ج ٢ ص ٣١.
(٤) التاج ج ٢ ص ٣٢٥.