النبيّ صلىاللهعليهوسلم أقبل يوم الفتح من أعلى مكة على راحلته مردفا أسامة بن زيد ومعه بلال وعثمان بن طلحة من الحجبة حتى أناخ في المسجد فأمره أن يأتي بمفتاح البيت فدخل رسول الله ومعه أسامة وبلال وعثمان فمكث فيه نهارا طويلا ثم خرج فاستبق الناس فكان ابن عمر أول من دخل فوجد بلالا وراء الباب قائما فسأله أين صلى النبي فأشار له إلى المكان الذي صلى فيه قال ونسيت أن أسأله كم صلى» (١) وحديث رواه الترمذي بسند صحيح عن الحارث بن مالك قال : «سمعت النبي صلىاللهعليهوسلم يقول يوم فتح مكة لا تغزى هذه بعد اليوم إلى يوم القيامة» (٢). وحديث رواه الشيخان والترمذي عن أبي شريح العدوي جاء فيه : «إن النبي صلىاللهعليهوسلم قام في الغد من يوم الفتح فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن مكة حرّمها الله ولم يحرمها الناس. فلا يحل لامرىء يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما ولا يعضد بها شجرة فإن أحد ترخص بقتال رسول الله فيها فقولوا له إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم. وإنما أذن لي فيها ساعة من نهار. وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس وليبلغ الشاهد الغائب» (٣).
(مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (١١)) [١١].
عبارة الآية واضحة. وليس هناك رواية خاصة بنزولها. ونرجح أنها نزلت مع الآيات السابقة لأن صلتها بها وثيقة. فإن لم تكن نزلت منها فيكون والله أعلم نزلت عقبها والمتبادر أنها جاءت معقبة على الآيات السابقة. وبسبيل توكيد ما احتوته هذه الآيات من حثّ على البذل والهتاف بأصحاب الأموال بأن أموالهم وإن كانت هي لله وهم عليها خلفاء فإن الله تعالى ليعدّ بذلها بمثابة قرض يقرضونه له يضاعف لهم عليه الأجر الكريم.
__________________
(١) التاج ج ٤ ص ٣٨٣ ـ ٣٨٥.
(٢) المصدر نفسه.
(٣) المصدر نفسه.