المشركين حتى يسمع كلام الله تنطوي على قرينة قرآنية بالإباحة لأن النبي إنما كان يستقبل جميع الناس من غير المسلمين في مسجده.
ولقد روى مسلم والترمذي عن عبد الله بن زيد بن عاصم عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إنّ إبراهيم حرّم مكة ودعا لأهلها. وإني حرّمت المدينة كما حرّم إبراهيم مكة. وإني دعوت في صاعها ومدّها بمثلي ما دعا به إبراهيم لأهل مكة» (١).
وروى البخاري ومسلم وأبو داود عن علي قال : «من زعم أن عندنا شيئا نقرأه إلّا كتاب الله وهذه الصحيفة فقد كذب. فيها أسنان الإبل وأشياء من الجراحات. وفيها قول النبي صلىاللهعليهوسلم المدينة حرم ما بين عير إلى ثور. فمن أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا. وذمّة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم. زاد في رواية فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين» (٢) وروى الشيخان والترمذي عن أبي هريرة قال : «حرّم رسول الله ما بين لابتي المدينة. فلو وجدت الظباء ما بين لابتيها ما ذعرتها. وجعل اثني عشر ميلا حول المدينة حمى» (٣). ومع أن المتبادر من هذه الأحاديث هو تحريم سفك الدماء فيها وضمان الأمن لمن يكون فيها كما هو الأمر بالنسبة للحرم المكي ومداه قد يكون ما درج عليه المسلمون منذ العهود القديمة من عدم السماح لغير المسلمين بدخول المدينة مستمدا من ذلك. والله تعالى أعلم.
وأمر النبي صلىاللهعليهوسلم المذكور في الفقرة الثانية بعدم السماح بوجود دينين في جزيرة العرب وإخراج اليهود والنصارى منها جاء في أحاديث عديدة. منها حديث رواه ابن هشام والطبري والبلاذري ونصّه : «لا يترك بجزيرة العرب دينان» (٤).
__________________
(١) التاج ج ٢ ص ١٦٧ و ١٦٨.
(٢) المصدر نفسه.
(٣) المصدر نفسه.
(٤) انظر ابن هشام ج ٤ ص ٣٤٥ وتاريخ الطبري ج ٢ ص ٥٣٤ و ٥٣٥ وفتوح البلدان للبلاذري ص ٧٣.