الغرض. وقد أوجب علماء الشيعة دفع جميع أنواع الزكاة للإمام العلوي الذي كان هو الإمام الشرعي عندهم ولو لم يكن يمارس سلطانا. وكانت عائشة أم المؤمنين ممن يدفع الزكاة إلى بيت المال على ما ذكره الإمام أبو عبيد في فصل كتابه المذكور آنفا.
والأخذ والرد والنقاش كان يدور حول زكاة النقود والعروض كما قلنا. وجمهور المتكلمين يسلمون بجباية بيت المال لزكاة الغلات والماشية. والذين قالوا بعدم جواز دفع زكاة النقود والعروض لبيت المال في حكم الملك العضوض قالوا إن أداء زكاة الغلات والماشية اضطراري لأن هذه الزكاة لا يمكن أن تمنع إلّا بالقوة التي يمكن أن ينتج عنها فساد وفتنة بعكس زكاة النقود والعروض التي يمكن أن تمنع لأنها مما يمكن أن لا تعلم. والذين أوجبوا أو جوزوا أداء زكاة النقود والعروض لبيت المال قالوا بناء على هذا المعنى الأخير بعدم الإجبار وبتصديق من يقول أدى زكاته مباشرة.
والمستفاد من كل هذا أنه لم يكن في البدء خلاف في حق ولي أمر المؤمنين في جباية جميع أنواع الزكاة. وتولّي توزيعها. وهو المستفاد من فحوى الآية وروحها. وأن ما وقع من فتن وخلافات حزبية في صدر الإسلام هو الذي أدى إلى هذا التفريق الذي كان قديما جدا والذي جرى عليه العمل منذ ذلك الزمن القديم الذي يبلغ في حساب السنين ألفا وثلاثمائة ونيفا. والراجح أن الأمويين الذين كان العمل بهذا في عهدهم واستمر بعدهم قد جنحوا فيه إلى التساهل تفاديا من الفتنة في حالة إجبار الناس عليه وقد كثرت مواردهم واكتفوا بما كان يأتيهم منه طواعية دون إكراه. ثم بزكاة الغلة والماشية التي تعرف على حقيقتها ولا يمكن إخفاؤها ولا التفلت من زكاتها. إذ يكون ذلك عصيانا يسيغ التنكيل. وكان موقف أبي بكر من مانعيها ما يزال حديث عهد اشترك في التضامن معه فيه جميع أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم. ولعل انحصار ثروة الوسط العربي في الماشية وغلة الأرض تقريبا في الظروف التي قامت فيها الدولة الأموية في أول عهدها مما جعل هذه الدولة قليلة الاهتمام لزكاة النقد القليلة أو سوغ انصراف الذهن عنها بعض الشيء. فكان هذا