وذاك أصلا أو مسوغا لما جرى عليه المسلمون. وقد يحسن أن يضاف إلى هذا ما أثر عن النبي صلىاللهعليهوسلم من أحاديث فيها إذن لبعض المسلمين بإعطاء صدقاتهم للأزواج والأقارب كالحديث المروي عن سلمان الضبي الذي جاء فيه «قال النبيّ صلىاللهعليهوسلم الصدقة على المسكين صدقة وهي على ذي الرحم ثنتان صدقة وصلة رحم» (١) والحديث الذي قال فيه لزوجة ابن مسعود جاءت إليه تستأذنه في إعطاء صدقتها لزوجها وولدها «زوجك وولده أحقّ من تصدقت به عليهم» (٢) وما أثر عن عمر رضي الله عنه من إذنه لرجل أتى إليه بزكاة ماله «بأن يذهب بها فيقسمها» (٣) وما أثر عن عثمان رضي الله عنه من قوله «من تكن عنده لم تطلب منه حتى يأتي بها تطوعا» (٤) حيث يسوغ أن يكون ذلك من مبررات ما كان من جعل الناس بالخيار في هذا الأمر.
وعلى كل حال فليس هناك قرآن ولا سنّة تمنع الدولة من جباية جميع أنواع الزكاة من جميع ما هي مفروضة عليه من أموال المسلمين وتوزيعها على مستحقيها أسوة بالغنائم والفيء.
ولقد نبهنا على خطورة تشريع الزكاة وما ينطوي فيه من حكمة ربانية جليلة تهدف إلى ضمان أمن المجتمع الإسلامي. وتخفيف أزمات المحتاجين من بنيه. وبثّ التعاون والتضامن بين أفراد هذا المجتمع في تعليقنا الأول على الزكاة في سياق تفسير سورة المزمل فنكتفي بهذا التنبيه دون التكرار.
وفي كتب التفسير والحديث بيانات متنوعة (٥) في صدد الجهات والفئات
__________________
(١) كتاب الأموال ص ٣٥٣ ، هذا الحديث من مرويات الشيخين والنسائي والترمذي أيضا انظر التاج ج ٢ ص ٣٥.
(٢) المصدر نفسه ص ٥٨٦ ـ ٥٨٧.
(٣) المصدر نفسه ص ٥٧١.
(٤) المصدر نفسه ص ٤٣٧ و ٥٣١.
(٥) انظر تفسير الطبري والبغوي وابن كثير والخازن والطبرسي لتفسير هذه الآيات وانظر التاج ج ٢ ص ٣ ـ ٤٠ وكتاب الأموال ص ٣٤٩ ـ ٦١٣ وكتاب الخراج لأبي يوسف ص ٤٣ ـ ٤٧.