مع ذلك شيئا ما عنها وعنهم. أما في السور المدنيّة فاكتفى بالتذكير الخاطف كما جاء في هذه الآية وفي بعض سور أخرى مثل الحديد والتغابن.
ولقد أورد المفسرون في سياق هذه الآية حديثا عن أبي هريرة رواه بشيء من الخلاف في الألفاظ والترتيب الشيخان عن أبي سعيد رأينا الأفضل إيراده جاء فيه قال : «قال النبي صلىاللهعليهوسلم لتتبعنّ سنن الذين من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا في جحر ضبّ لا تبعتموهم. قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى قال : فمن؟ وفي رواية قيل يا رسول الله كفارس والروم. قال ومن الناس إلّا أولئك» (١). وأورد المفسرون الذين أوردوا صيغة أبي هريرة قوله «اقرأوا إذا شئتم (كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) إلى آخر الآية». ويلحظ أن الآيات هي في صدد المنافقين السامعين والتذكير بأن في الأمم السابقة من كان على شاكلتهم فأحبط الله أعمالهم وجعل النار دار خلود لهم وأن هذا ما سوف يكون شأن هؤلاء المنافقين بحيث يكون إيراد الحديث الذي فيه خطاب للمسلمين عامة يتحمّل التوقف. ومع ذلك ففي الحديث على كل حكمة ومعجزة. حيث انطوى على تحذير المسلمين وتنبيههم حتى لا يسيروا في كل طريق سار فيه اليهود والنصارى أو الروم والفرس مما ليس فيه فائدة أو فيه مخالفة لمبادىء الإسلام وآدابه وحيث تحقق تنبيه النبي صلىاللهعليهوسلم بما كان من فئات كثيرة من مثل ذلك.
(وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٧١) وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٧٢)) [٧١ ـ ٧٢]
__________________
(١) انظر التاج ج ١ ص ٣٦ ـ ٣٧.