وفي الإصحاح الرابع من سفر التكوين المتداول وهو أول أسفار العهد القديم قصة قتل قابيل لأخيه هابيل وهما الولدان الأولان لآدم. وكان قابيل البكر منهما. والقصة تتلى تلاوة تذكير على بني إسرائيل الذين كان سفر التكوين متداولا عندهم. حيث يبدو من ذلك صواب تصويب الطبري وجمهور المؤولين والمفسرين وكون القصة القرآنية هي نفس القصة. ولقد روى ابن كثير حديثا أخرجه الإمام أحمد عن ابن مسعود جاء فيه «قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لا تقتل نفس ظلما إلّا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه كان أول من سنّ القتل» حيث يؤيد هذا الحديث ذلك أيضا.
وبين النصّ القرآني وما جاء في الإصحاح المذكور توافق في الجوهر. وملخص ما جاء فيه «أن قابيل كان يحرث الأرض وهابيل كان راعي غنم. وأن كلا منهما قدم للربّ تقدمة فتقبل الله تقدمة هابيل دون قابيل فشق ذلك على قابيل وقال لأخيه لنخرج إلى الصحراء فلما خرجا وثب عليه فقتله. وسأل الربّ قابيل ماذا صنع بأخيه وأين هو فأنكر فقال له إن دمه يصرخ إليّ من الأرض. ثم لعنه وأنذره بأن يبقى شاردا على وجه الأرض ولا تعطيه الأرض قوتها فخرج فأقام في أرض نوا شرقي عدن) وليس في الإصحاح الحوار الذي حكته الآيات إلّا قصة الغراب. ونعتقد أن هذا مما كان واردا في قراطيس أخرى ومتداولا في أوساط الكتابيين.
ولقد روى الطبري وغيره عن ابن عباس وغيره بيانات مفصلة ومتنوعة على هامش هذه الآيات فيها قصة اختلاف الأخوين على تبادل أختيهما التوأمتين لتكون كل واحدة منهما زوجة للآخر واقتراح أبيهما بتقريب كل منهما قربانا إلى الله على سبيل الاحتكام إليه وتقبّل الله قربان هابيل بإنزاله نارا أكلته دون قربان قابيل وتعليم إبليس لقابيل كيفية قتله لأخيه. وإرسال الله غرابين قتل أحدهما الآخر ودفن القاتل القتيل ليكون تعليما لقابيل بدفن أخيه الذي قتله. وأغرب بعضهم فذكر شدة توجّع آدم على قتل ابنه وإنشاده شعرا عربيّا فصيحا بذلك. حيث يدل كل هذا على كل حال أن القصة وما جاء في الآيات مما ليس في سفر التكوين المتداول مما كان