المسح على الخفّين في مسح الرّجل ، وقد أخذ الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام بظاهر الآية فلم يجز المسح على الخفّ ، وقد شاع جواز ذلك في عهد عمر ، ويقول الرواة : إنّ الإمام مرّ على رجل توضّأ ومسح على خفّيه فدخل المسجد وصلّى فيه فأمسكه الإمام ، وقال له : « ويلك تصلّي على غير وضوء؟ ». فقال : أمرني عمر بن الخطّاب ، فأخذ بيده وأقبل على عمر وقال له : « انظر ما يروي هذا عنك؟ » ، فقال عمر : نعم أنا أمرته ، إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مسح ، فقال الإمام : « مسح قبل المائدة أو بعدها؟ ».
قال : لا أدري. فقال له : « فلم تفتي وأنت لا تدري ، سبق الكتاب الخفّين » (١).
( إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ ) (٣٣)
دلّت الآية على العقاب القاسي للمفسدين والذين يسعون في الأرض فسادا ، بان يقتّلوا أو يصلّبوا أو تقطّع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ، وذلك لحسم مادة الفساد ، ونشر الأمن بين الناس ، وقد كان حارثة بن بدر التميمي من أهل البصرة قد سعى في الأرض فسادا ، ولكنه تاب ، وكلّم رجالا من قريش أن يأخذوا له أمانا من الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام فأبى القرشيون من إجابته ، واستجاب له سعيد بن قيس الهمداني ، وكان من خيار أصحاب الإمام عليهالسلام ، فقصد الإمام ، وقال له :
يا أمير المؤمنين ما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا؟ ...
فأجابه الإمام بالعقاب الصارم لهم قائلا :
__________________
(١) تفسير البرهان ٦ : ٤٥٢ ، وقريب منه في تفسير العيّاشي. الميزان ٦ : ٢٣٣ ـ ٢٣٤.