عظمته ، فبعظمته ونوره أبصرت قلوب المؤمنين ، وبعظمته ونوره عاداه الجاهلون ، وبعظمته ونوره ابتغى من في السّماوات والأرض من جميع خلائقه إليه الوسيلة بالأعمال المختلفة والأديان المتشتّتة ، فكلّ شيء محمول يحمله الله بنوره وعظمته وقدرته لا يستطيع لنفسه ضرّا ولا نفعا ، ولا موتا ولا حياة ولا نشورا ، فكلّ شيء محمول والله تبارك وتعالى الممسك لهما أن تزولا ، والمحيط بهما من شيء ، وهو حياة كلّ شيء ونور كلّ شيء سبحانه وتعالى عمّا يقولون علوّا كبيرا ... ».
وراح الجاثليق يقول :
اخبرني عن الله أين هو؟ ...
فأجابه الإمام :
« هو هاهنا وهاهنا ، وفوق وتحت ، ومحيط بنا ومعنا ، وهو قوله : ( ... ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا ... ) (١) ، فالكرسيّ محيط بالسّماوات والأرض ( وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى. وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى ) (٢) ، وذلك قوله : ( ... وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ) (٣) ، فالّذين يحملون العرش هم العلماء ـ أي من الملائكة ـ الّذين حمّلهم الله علمه ، وليس يخرج من هذه الأربعة شيء خلقه الله في ملكوته ، وهو الملكوت الّذي أراه الله أصفياءه وأراه خليله فقال : ( وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ) (٤) ، وكيف يحمل حملة العرش الله وبحياته حييت قلوبهم ،
__________________
(١) المجادلة : ٧.
(٢) طه : ٦ و ٧.
(٣) البقرة : ٢٥٥.
(٤) الأنعام : ٧٥.