وبنوره اهتدوا إلى معرفته » (١).
وقد حلّل السيّد الطباطبائي الحديث وبين فقراته ، ويعدّ هذا الحديث من أروع البحوث الكلامية التي ألمّت ببعض الامور الغامضة وكشفت حقيقتها.
( وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ قالُوا يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ) (١٣٨)
نزلت الآية الكريمة في بني إسرائيل فإنّهم لمّا قطع بهم موسى البحر وهو نيل مصر ، واغرق الله فرعون وقومه فيه ، مرّوا على قوم يعكفون على أصنامهم ، فقالوا لنبيّهم : ( يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ ) ، ودلّ ذلك على إغراقهم في الجهل ، وعدم إيمانهم بالله الواحد القهّار ، هذا ما أفادته الآية ، وقد اعترض الجاثليق على أمير المؤمنين عليهالسلام فقال له مندّدا بالمسلمين :
لم تلبثوا بعد نبيّكم إلاّ ثلاثين سنة حتّى ضرب بعضكم وجه بعض بالسيف ...
فأجابه الإمام بمنطقه الفياض :
« وأنتم ـ يا معشر اليهود ـ لم تجفّ أقدامكم من ماء البحر حتّى قلتم : ( اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ ... ) » (٢).
ولم يطق الجاثليق الردّ على الإمام بعد هذا البرهان الحاسم والحجّة القاطعة.
( وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ
__________________
(١) الميزان ٨ : ١٦٢ ـ ١٦٧.
(٢) البرهان ٢ : ٣٢.