« لم تره العيون بمشاهدة الأبصار ، ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان » (١).
ودلّ ذلك على مدى إيمانه العميق الذي امتاز على الكثيرين من أنبياء الله ، وحسبه أنّه نفس رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي هو أفضل من جميع الأنبياء.
وكان من عظيم إيمانه أنّه قال :
« ما رأيت شيئا إلاّ ورأيت الله قبله » (٢).
وقال : « لم أعبد ربّا لم أره » (٣) ، إنّه رأى الله تعالى بقلبه المليء بالإيمان ، فقد نظر إلى الكائنات الحية وغيرها وتأمّلها فرآها تنطق بوجود الخالق العظيم ، المبدع والمصوّر لهذه الأكوان ، وتعجز العقول أن تدرك كنهه أو تحيط بمعرفته.
( وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ) (١٥٩)
دلّت الآية الكريمة على أن كوكبة من قوم موسى يدعون إلى الحقّ وبه يحكمون ، وقد أشار الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام إلى هذه الكوكبة في حديثه مع رأس الجالوت وأسقف النصارى ، فقد قال لهما :
« إنّي سائلكما عن أمر وأنا أعلم به منكما ولا تكتماني :
يا رأس الجالوت ، بالّذي أنزل التّوراة على موسى ، وأطعمهم المنّ والسّلوى ، وضرب لهم في البحر طريقا يبسا ، وفجّر لهم من الحجر الطّوريّ اثنتي عشرة عينا ، لكلّ سبط من بني إسرائيل عين إلاّ ما أخبرتني على كم افترقت بنو إسرائيل بعد موسى؟ ».
فقال رأس الجالوت :
__________________
(١) الميزان ٨ : ٢٥٥.
(٢) الميزان ٨ : ٢٦٣.
(٣) الميزان ٨ : ٢٦٣.