« وجدت في كتاب عليّ عليهالسلام أنّ قوما من أهل إيلة من قوم ثمود ، كانت الحيتان ـ وهي الأسماك ـ قد سيقت إليهم يوم السّبت ليختبر الله طاعتهم في ذلك ، فشرعت ـ أي ظهرت ـ في يوم سبتهم في ناديهم ، وأمام بيوتهم في أنهارهم وسواقيهم ، فبادروا إليها فأخذوا يصطادونها ويأكلونها ، فلبثوا في ذلك ما شاء الله لا ينهاهم الأحبار ، ولا يمنعهم العلماء عن صيدها ، ثمّ إنّ الشّيطان أوحى إلى طائفة منهم إنّما نهيتم عن أكلها يوم السّبت ، ولم تنهوا عن صيدها ، فاصطادوها يوم السّبت وأكلوها في ما سوى ذلك من الأيّام.
فقالت طائفة منهم : الآن نصطادها ، فعتت وانحازت طائفة اخرى منهم ذات اليمين ، فقالوا : ننهاكم عن عقوبة الله أن تتعرّضوا لخلاف أمره ، واعتزلت طائفة منهم ذات اليسار ، فسكتت ولم تعظهم ، وقالت للطّائفة الّتي ووعظتهم : ( لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً ) ، فقالت الطّائفة الّتي وعظتهم : ( مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) ، فقال الله عزّ وجلّ : ( فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ ) ، يعني لمّا تركوا ما وعظوا به مضوا على الخطيئة ، فقالت الطّائفة الّتي ووعظتهم : لا والله لا نجامعكم ، ولا نبايتكم اللّيلة في مدينتكم هذه الّتي عصيتم الله فيها مخافة أن ينزل عليكم البلاء فيعمّنا معكم.
قال : فخرجوا عنهم من المدينة مخافة أن يصيبهم البلاء ، فنزلوا قريبا من المدينة ، فباتوا تحت السّماء ، فلمّا أصبح أولياء الله المطيعون لأمر الله غدوا لينظروا ما حال أهل المعصية ، فأتوا باب المدينة فإذا هو مصمت ، فدقّوا الباب فلم يجبهم أحد ، فوضعوا سلّما على سور المدينة ، ثمّ أصعدوا رجلا منهم فأشرف على المدينة فنظر فإذا هو بالقوم قردة ولهم أذناب ، فكسروا الباب فعرفت الطّائفة أنسابها من الإنس ، ولم يعرف الإنس أنسابها من القردة ، فقال القوم للقردة : ألم ننهكم ».