هام الناس في علمه وشجاعته وخدماته في سبيل تثبيت دعائم الدين ، كل ذلك كان له أبلغ الأثر في وقوفهم هذا الموقف من استخلافه ، فاحتشدوا حول منافسة صفوفا متراصة ، حتى تم لهم الانتصار وانتزعوا الخلافة منه انتزاعا.
وكانت الجماعة المحيطة بعلي من صحابة الرسول ، من خيرة صحبه وأقربهم إلى نفسه وأحبهم إلى قلبه الكبير ـ كانوا أشرف المسلمين قلوبا وأرواحا وأولهم سابقة لدين الله ، كسلمان الفارسي وأبي ذر والبراء بن عازب وحذيفة اليماني وعبادة بن الصامت وأبي الهيثم ، وأمثالهم كثيرون لم يحضروا بيعة السقيفة ، ولو حضروها لما ألقوا قيادهم لشيخ تميم ، ولم يمسحوا بأكفهم على يده ، لأنهم كانوا يعلمون تمام العلم أي الناس أحق بهذا الأمر ، وأولى بأن تمسح أكفهم على يده ويلقوا زمامهم اليه طائعين. فاجتمعوا ومعهم الكثرة من المهاجرين والأنصار في جوف الليل يدبرون ويتشاورون. وانطلقوا من مكمنهم بعد ان انتهى بهم التفكير إلى إعادة الأمر للمهاجرين والأنصار ، ليختاروا من هو جدير بولاية أمر الأمة.
ولما تطاير نبأ هذا التذمر من هذا الحادث المفاجئ استجاب له الكثيرون ممن بايعوا لأبي بكر وأدركوا أن الإنصاف كان يحتم عليه التريث في الأمر ، حتى تتم مواراة جثمان الرسول (ص). وكان عليهم أن يلتزموا جانب التدبر والحكمة قبل الإقدام على ما أقدموا عليه ، وأن يستجيبوا لما يحيط بالإسلام من إخطار على يد عصابة المرتدين وأنصار الكذبة من المتنبئين ، لو وقع بينهم وبين الأنصار قتال على الخلافة. كل ذلك لم يفكروا فيه ولم يفكروا حتى بالرسول وجثمانه لا يزال في بيته. وقد نسي عمر بن الخطاب نفسه قبل ساعة ،