سكر يهذي وإذا هذى افترى ، فجلده عمر ثمانين وعمل به اكثر العامة. وقال بعضهم بأربعين ، ونقل اتفاق الإمامية على الثمانين.
وفي تاريخ الفقه الإسلامي ، ما ملخصه ، ان عمر بن الخطاب وجماعة من اعيان الصحابة قد التبس عليهم الأمر في ميراث الجد مع الأخوة اذا ترك الميت جده واخوته ، فاستشاروا عليا وزيد بن ثابت في ذلك ، فأفتى علي بأن الجد يشارك الأخوة في هذه الحالة. وقد ضرب له مثلا على ذلك ليرفع ما في نفسه من الحيرة والتردد ، بسيل سال ، فانشعبت منه شعبة ، ثم انشعبت منه شعبتان ، ثم قال : «أرأيت لو ان ماء هذه الشعبة الوسطى رجع ، اليس الى الشعبتين جميعا؟» ووافقه على ذلك زيد بن ثابت ، بعد أن كان يرى ان الجد لا يزال معهم ، فانتهى عمر بن الخطاب الى رأيه ، وجعل الجد والأخوة في مرتبة واحدة ، وعمل بذلك المسلمون. وارتضاه الشافعية والمالكية والحنابلة ، أما الأحناف فيرون أن الجد بمنزلة الأب ، يحجب الأخوة عن الميراث ، وذلك رأي أبي بكر وبعض الصحابة (١).
وكان عمر بن الخطاب يتأسف ، وهو على المنبر ، لأن رسول الله (ص) فارق المسلمين ، ولم يعهد اليهم عهدا ينتهون إليه في امور ثلاثة : الكلالة والجد وأبواب من الربا ، ونقل له الباحثون في التشريع الاسلامي بعض الآراء المخالفة لما عليه اهل البيت وشيعتهم. منها انه كان يرى ان ضالة الإبل وغيرها من انواع الحيوان الذي لا يخاف عليه من السباع ، يجب التقاطها والاحتفاظ بها حتى يظهر صاحبها. ويذهب اهل البيت في مثل هذا النوع من الضالة ، عدم جواز اخذها ، بل تترك وشأنها ، إذا كانت في
__________________
(١) صفحة ٦٠ و ٦١ من تاريخ الفقه للدكتور محمد يوسف.