الصحابة يراه من اكبر المشرعين بعد الرسول ، واعلمهم بكتاب الله وسنة رسوله.
وقد عدّه الدكتور محمد يوسف في كتابه تاريخ الفقه الاسلامي من شيوخ التشريع واعلامه ، مع جماعة من الصحابة ، منهم عمر بن الخطاب وابنه عبد الله وابو موسى الأشعري وغيرهم (١) ومع انه يدعي التحرر في ابحاثه والانطلاق من مخلفات العصور الماضية التي سخرت الأفكار والأقلام لمصالح الحكام واهوائهم ، يبدو في بعض الأحيان مسيّرا في فكره وقلمه لتلك المخالفات ، التي فرضتها السياسة ، فقد ذكره في عداد عبد الله وابي موسى الأشعري وغيرهما. مع ان عمر بن الخطاب نفسه كان يكرر : «لو لا علي لهلك عمر ، ولا بقيت لمعضلة ليس لها ابو الحسن» ، ولا يبيح لأحد من فقهاء الصحابة ان يفتي في مجلس فيه علي (ع) : «لا يفتين احدكم وعلي حاضر».
وهو الذي قال في ولده عبد الله ، حينما اشار عليه بعض المسلمين ان يستخلفه : «كيف اولي امر المسلمين من لا يحسن طلاق زوجته؟!» (٢) ومن لا يحسن امر الطلاق ، بشهادة والده فيه ، هل يجوز لمن يدعي التحرر في ابحاثه والتمرد على مخلفات الماضين ، ان يجعله الى جانب علي (ع) في التشريع الإسلامي؟! وفي طبقات ابن سعد : «أنه كان جيد الحديث ، غير جيد الفقه».
ومهما يكن الحال فالذي اردناه من ايراد هذه النبذة اليسيرة من أقضيته وفتاويه ، ان دور التشيع في الفقه الاسلامي كان بارزا منذ الأيام
__________________
(١) صفحة ٤٠.
(٢) تاريخ اليعقوبي المجلد الثاني (ص ١٣٨) وشرح النهج المجلد الأول (ص ٦٤).