احد في المسجد وعلي حاضر» (١).
وفي مكة المكرمة مهبط الوحي قبل الهجرة ، كان مسجدها يجمع العشرات من التلاميذ ، وعلى رأسهم عبد الله بن العباس. ومن أشهر تلاميذه مولاه عكرمة ، وأبو محمد عطاء بن ابي رياح مولى قريش ، ومجاهد بن جبير مولى بني مخزوم.
أما عكرمة فإنه روى عن ابن عباس وأخذ عنه العلم ، وأفتى الناس بحياته. وكذلك كان عطاء مفتي اهل مكة ومحدثهم (٢). وقال ابن عباس ، مخاطبا اهل مكة ، وقد اجتمعوا عليه ، يسألونه احكام دينهم : يا اهل مكة ، تجتمعون علي وعندكم عطاء! وأما مجاهد بن جبير فقد اخذ عنه الفقه والتفسير.
وقال الأستاذ الشيخ محمد الخضري : ومن اهل مكة عبد الله بن العباس ، ولد قبل الهجرة بسنتين ودعا له رسول الله (ص) ان يفقهه الله في الدين ويعلمه التأويل. وقال فيه ابن مسعود : نعم ترجمان القرآن ابن عباس ، لو ادرك اسناننا ما عاشره منا احد. وروي عنه انه قال : كنت اسمع بالرجل عنده الحديث ، فآتيه ، فاجلس حتى يخرج فأسأله ، ولو شئت ان استخرجه لفعلت. وعلى ابن عباس يدور علم أهل مكة في الفقه والتفسير. وقال مجاهد بن جبير ، احد تلاميذه : لقد عرضت القرآن على ابن عباس ثلاث عرضات ، اقفه عند كل آية وأسأله فيم نزلت وكيف كانت (٣).
__________________
(١) تاريخ الفقه الاسلامي (صفحة ٤٣).
(٢) الامام علي ، لعبد الفتاح عبد المقصود ، الجزء الأول.
(٣) تاريخ التشريع الاسلامي (صفحة ١٥٥).